الاثنين، 30 يناير 2012



 الحساب الصحيح

بدا الزمن صباحا كالعادة  ..في الصباح غير الباكر استيقظ..فرك عينيه وتامل في الدنيا كانه لم يكن رءاها من قبل , فركهما مرة اخرى فاذا الدنيا كما يعرفها..انها هي بالتاكيد , لعن امس وشتمه , حاول ان يطوي سجل ذاكرته , ابعده , عانده , وجاهده وما كاد يمحوه من صفحة فكره  ..نهض نشيطا وهو يقول لنفسه : لك الساعة التي انت فيها والماضي عيب , لك الساعة التي انت فيها والتي تليها...
مضى لان حكمة العصر التي حفظتها العامة هي ان هذا هو عصر السرعة...نظر الى سيارته فاعجبته , ارتاح الى نظافة مظهرها ...فتح الباب جلس على مقعدها الوفير بجسمه الثقيل فزايله تعب الدنيا كله ...نظر في مرءاة السيارة لكنه ساءه مظهره وشعره الاشعث..لعن نفسه لانه فقط لم يقتنع بعد –لقرب عهده- بان السيارة هي الصورة الشمسية الملونة او غير الملونة ..وان الوظيفة هي تاريخ الميلاد وان المكتب هو محله....انطلق بالسيارة مسرعا كي يجمع اشتات بطاقة هويته الممزقة... وصل , اغلق باب السيارة بلطف ورحمة ثم سار الهويناء ...وفي خطا وئيدة دخل المكتب ... غشيه نسيم لطيف كانسمة الصبا انساه عصف الدبور..تمدد على المقعد , وتاوه طويلا لان عليه واجبات كثيرة ومواعيد عدة ..ادرك انه ما من بد من ان يكون له في هذا الزمن ثلاثة عقول..اربعة..خمسة..اواكثر, ليدفع الزمن والسرعة , ليجمع المال ويدبر الاعمال ..للسياسة والدين والاجتماع ..رتب اموره واقبل على عمله..عمله هو..ذاك الذي جاء من اجله ..باخلاص..انقطع عن العالم وهو يفكر في الحكمة القديمة الوقت من ذهب....تبسم وهو يقول في نفسه كلا بل هو من فضة.....
مضى الوقت سريعا  لم يكن تناول الفطورولكن بطنه ممتلئة , واقتابه مندلقة....ومن تحت قذاله يسح عرق دسم يجزم من رءاه انه قد شبع وارتوى ...يقسم لقد اكل كل شيء في المكتب ..الاوراق...المقاعد والسكرتير..لم يكن يدري ان الساعة ازفت الا عندما نظر ساعته ... كان خارج الزمن , لا يشعر بالوقت , اعتبر ثم ايقن ان الاعوام والايام كالساعات , لا فواصل بينها ولا حدود , وان تلك كذبة فضحها العام الفان..ولكنه الاحساس يكون كالزمن...استدرك مرة اخرى وهزئ من نفسه وهو يتفلسف ..اعترف بحقيقة الساعة الثالثة  ...خرج من مكتبه , محل ميلاده  مرتاحا كبطة عجوز ..امتطى السيارة بهدوء ..ساقها ببطء وعلى طول الطريق فكر في بقية يومه وفي حساباته ووعوده..وصل...نزل من السيارة يتابط  حقيبة حبيبة اليه ..خلع ثيابه ثم جلس على الوطاء ...شعر بكل تعب الدنيا ..شهق حتى امتلا صدره ثم اطلق زفرة طويلة كزفرة بقرة الخريف...


                                                 الاستاذ / الحسين ولد احويبيب

هناك تعليق واحد:

  1. قصة جميلة جدا واسلوب شيق فالمزيد المزيد استاذنا المحترم

    ردحذف