الأحد، 1 يناير 2012

محمد المصطفى / الندى : الجزء الثاني من مقدمة كتاب دور المحاظر في موريتانيا
محمد المصطفى / الندى

لقد كان الدافع للكتابة عن هذا الموضوع هو : ما للتاريخ النزيه من دور في استرجاع الاصالة اذ به تستنهض الامم وبه يرى اللاحق الماضي ويتغنى به فيسترجعه ويرى الاخطار المرعبة فيتجنب الوقوع في مثلها وذلك ما لا غنى عنه للفرد ولا للامم , فلا حاضر لمن لا ماضي له ,  والمستقبل ثمرة الحاضر كما قيل.
وبعابرة اشمل واكثر اختصارا فالتاريخ شعاع من الماضي يرينا الحاضر والمستقبل وحتى مصائر الامور فيكون الناس على بينة من طرقات الحياة والمنحنيات والمنزلقات الخطيرة وكيف تسلق من حظي بالتربع على عروش المعالي او كما يقول ابن خلدون لتتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في احوال الدين والدنيا , فلا جديد في الحوادث فكل حادثة جديدة حدثت او ستحدث حدث مثلها لاموات مضوا كانوا حاضرين احياء ولهم اهتماماتهم وطموحاتهم مثل ما لنا الآن.
وبالتالي فالتاريخ هو الرصيد المعنوي للبشرية يوفر لها اعمارا ووقتا او عملا كافيا فلا تتكرر التجربة فتخسر البشرية طاقة جيل واعماره باكملها.
ان التاريخ بمثابة ثمرة او غنيمة باردة تجعل كل فرد على حدة يتشبث عن قناعة كاملة بالايجابيات وينبذ السلبيات ويضع كل لبناته الملائمة لمستقبله المشرق الوضاء وفق حضارته ومثله.
وان السمعة التي يتمتع بها الشناقطة رجال ( ارض المليون شاعر) في طول الكرة الارضية وعرضها لم يكن مصدرها عطاء ارضنا المعطاء ولا مناظرها ولا الآثار.
انما كان مصدرها الوحيد صدى ملاحم ويطولات خاضها المرابطون الشناقطة باسنة رماحهم واقلامهم لإحقاق الحق وإبطال الباطل او لبناء الدين والدنيا معا , اخذا و عطاء في الحل والترحال.
انهم كانوا اينما حلوا اصحاب رسالة ومبادئ كانما جاؤوا من اجلها , لهذا الكون يسترخصون ارواحهم ثمنا لمبادئهم مستميتين لا لا يخافون لومة لائم , الى ان ارسوا لبنات حضارة ثابتة فرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين , احب من احب وكره من كره على رغم انف الكثبان الجرداء المتحركة وزعزعة الظروف حتى لكأن الشاعر لما افتخر بشخصيته لا يعني غيرهم او انطبقت الصفات على المحظرة اكثر مما انطبقت عليه كما شهد التاريخ:

     الخيل والليل والبيداء تعرفني                     والسيف واللوح والقرطاس والقلم

حقا عرفت الخيل رباط رجالات المحاضر في احرج الاماكن وعرف الليل تجافي جنوبهم عن المضاجع خوفا وطمعا في الله وحده , وعرف ظلامه انوار اخشابهم المحظرية تبدد ظلامه حتى كانه لا ليل , وتعلم البيداء مذاكرة الطلاب للدروس صامدين يخافهم الجوع فرادى ومثنى وثلاث منقطعين لفهم المعضلات وحل العويصات.
وان تنس المهامه المقفرة فلن تنسى قوافل رجالات المحاضر كما لو كانوا اسراب نحل تسلك سبل ربها تمتص من كل الثمرات لتعود بما لذ وطاب من غذاء وشفاء وهداية..
واكثر من ذلك عرف اللوح حسن صحبتهم او على الاصح عشقهم له والتغني به اكثر من التغني بدعد والثريا , وجولاتهم في القرطاس لا يجهلها احد يلتهمون ما فيه اينما دون , يقطعون المفازات للحصول عليه لاجل التدوين , ولو سئل القلم لاشتكى مما خاض من معارك مستخدمين سنانه الحاد في اعادة المنحرفين , تعالج هذا , تقتل ذاك وتشفي هذا وترد ذلك لصوابه.
عزيزي القارئ : اذا كانت كتابة الموضوعات الجديدة على الساحة العلمية والابحاث الاستقصائية ذات الموضوع الواحد في غاية الاهمية  , فما بالك اذا كان الموضوع ملاكا جامعا لابواب شتى من المعارف , وحضارة اجيال؟.
لعمر الحق ان موضوع دور المحاضر في موريتانيا وان جمعه عنوان واحد ولم يك ترجمة لشخصية لهو مشكاة ذات اشعاع في كل الاتجاهات الدينية , والثقافية والاجتماعية. 

                                                                                     محمد المصطفى ولد الندى

هناك 3 تعليقات:

  1. رحم الله الندى كان رجلا عديم المثال في حسن الاخلاق والكرم

    ردحذف
  2. رحم الله الندي فقد كان رجلا عظيما فهو ظاهرة فريدة عرفها التاريخ ولم يعترف لها

    ردحذف
  3. وراقة إسماعيل قبالة المعهد العالي15 مارس 2012 في 11:07 ص

    هذا الكتاب مصور عند وراقة إسماعيل قبالة المعهد العالي، لكن فيه سقط من الصفحة 25 إلى الصفحة: 34.

    ردحذف