الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012



المرتضى / محمد اشفق


إلـى غـــزة...






مـــــــــــــا ذا اقول لغــزة؟ أكلامي       يشفـــــــي من الاحزان والآلام؟

مـــــــــا للكتابة قد تســارع نبضها؟      مـــــا للحروف تضيق بالاقلام؟

ياغزة يــا قوة الرفــــــــض الكبــير      ودرة فــــــــــــــــــي حلية الايام

يامسرح الفن الجميل ومدرج الـــــــــــــنص الا صيل وعـــزة الاسلام

كل الكتابات التـــــــــي سطرتهــا         عربــــــــية مقطوعة الارحام

لاتقرإي فــــــــــــعل العروبة انــه        متعفـــــــــــــر بالعجز والآثام

لا تقلقي ان العروبــــــــــة قصــة        منسية فـــــي سلة الاوهـــــــام

وطــــــــــن العروبـــة كله محمية        غربية مذبــــــوحة الاحـــــلام

محروسة بمدافـــــــــــع مخصية    وحظائـــــــر كزريبة الاغنـــــــام             

لا تعجبي يـــــا غزتي فسلاحهم          للقمع والترهــــــــيب والاجرام

اسمــــــــــــاؤهم عربية ولحــاهمُ         وسجودهـــــــم يا غزُّ للاصنام

لا تنظري وجــع الرجولة غــزتي        وتعـوذي من سيـــــــئ الاسقام

قولي لهــــــــــم ان الجــراح لذيذة        وبها عرفــــــت صناعة الإقدام

قولي لهــــــــــم ان الدمـــار ولادة        والموت للإرجـــاء والإحجـــام

قولـــــــي لمــن جاؤوا اليك توددا :        أأحبتـــــــي شكرا على الاكرام

لا تشغلونــــــي عن نزال عدونــا          عودوا بخــــــــير علية الاقوام

ستون عاما والكلام مصيبـــــــــتي       ارأيت ارضــــا حررت بكـــلام

يــــاغزة الحسنـــاء ان جــــراحنا        هـــــــي مصدر الابداع والالهام

قد اسلمـــــــوك عزيزتـــي لمذابح        وعصابــــــــــــــة ملعونة ولئام

تركوك وحــدك تكتبــــين ملاحما         بأعـــــــزة وأحــــــبة وكـــــرام

يا غزتي قولي لهـــــــــم يا ويلكم          يا ويلكم من غضبة الايتــــــــام


يا ويلكـــــــم من كل جرح نازف          يحيي رفـــــــــاق كتائب القسام

قولـــي لكل مكــــــــابر متغطرس        متسلط فــــــي فـــــــرقة الاقزام

ان الخليفــــــــة اذ يعــــوذ بقصره        مثل الجبـــان بغرفــــــة الإعدام

قولي لهـــــــــــم ان الدماء مسابح         والفــــجرينبع مـــن ركام حطام

والشمس تشرق في سمائك وحدها        والليل يقبع فـــي رفــــات سلام    

                                         المرتضى / محمد اشفق      




الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

المرتضى / محد اشفق

راجو الرحالة موهوب يذيع خطابا الى الامة......

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم

ايها الموطنون ايتها المواطنات
هاانا اطلع عليكم من جديد كما كنت اطلع منذ عشرات السنين...ما بدلت ولا غيرت ولم ترسم حوافر الزمن آثار الشيخوخة والوهن على جسمي وعقلي....انا هو انا وان تعددت تجلياتي واسمائي ...انا جميل كالبدر رأته قرون وامم لكنه ما زال مضيئا يطرد وحشة الليل...
ذات يوم – شعبي العزيز – قررت ان أحكم وان انصب على هاماتك عرش مملكة لا تغرب شمسها , فقررت ان اركب اكتافك الوطيئة الى مبتغاى الكبير....همست في آذانك كهاتف خفي ان تتمزق لتتقطع اوصالك....واستوردت لك النماذج الجاهزة , والاحلام الوردية الخلابة.... وتعاميت عنك وتركتك تنشا وتتخلق.... في ارحام مختلفة...فكبرت ونموت في بيوت القش والصفيح ...وفي ازقة الاحياء الشعبية...وفي باحات المؤسسات المدرسية...وتصاممت عن صغار المخبرين ليتركوك توجد وتتمدد عبر خلاياك الصغيرة...ثم بدا لرقيبي العتيد ان الجذوة التي تحتضنها البيوت السرية قد تصيرلهبا  يخشى ان يعم  وبذلك ستشكل خطرا حقيقيا على مملكتي وسلطاني....فامرتهم ان يغمزوك لتعلم اني مستيقظ...فداهموك في مراقدك , ومزقوا بعض منشوراتك...لكن حياتك  ضرورية لي فابقيت فيك رمقا ولك املا....فتسارع امتدادك وترسخت قناعاتك وآمنت بالحرية والعدالة ... فقررت ان ادشن فن الوقيعة بين مكوناتك وجماعاتك وهو فن واق من شغب الشعوب....فتملقتني وارشدتني الى مكامن خطر اصدقائك وكنت امهر واخلص  من المخبرين السريين ...فاوهنت عزائمهم واحبطت مكائدهم ...ولما زعمت انك استاثرت بي جاء دورك لتتناول حصتك من الاقصاء والعقاب , فانا ملول لااصبر طويلا على فريق واحد ...فقربت من وشيت بهم...تقربت اليهم ذراعا فتقربوا الى اميالا وقصدتهم حبوا فطاروا الي....وفتحت آذاني وحقائبي فاقتصوا لانفسهم منك....انت ايها الشعب قطع شطرنج صغيرة وخفيفة اتسلى بها واعبث بها واحركها ذات اليمين وذات الشمال دون رفض او ممانعة.......
 شعبي العزيز: مارست سياسة المباغتات للولاة والوزراء في اماكن عملهم وكم تلذذت بخوفهم مني وارتعاشهم امامي وانعقاد السنتهم عن الكلام في حضرتي ....فحكمتَ انني اعدل من العمرين ....ثم وظفت جناحي الاثنين ولعبت لعبة اخرى ذكية فزاوجت بين تنظيمات رومانيا الشيوعية  والقتل وقطع الايدي باسم الشريعة المحمدية ....فسبحت باسمي وسميتني رحمة مهداة ومهديا كان منتظرا... ثم –شعبي العزيز – اقتنعت ان اسجنك باسم الوطنية ثم اقتلك باسم الوطنية....فاحتفل بي من رملت نساءهم ومن عذبت ابناءهم .... ....
ثم بدا لي ان الدروس السرية في خلاياك تكوين عقدي منذر بقيام امة ناضجة , مؤمنة بالقضية...مصممة على ان تكون....فاشرت على كبار الجراحين السياسيين باجراء عملية قيصرية لاخراج الاجنة قبل الاكتمال...فانشات البلديات باسم انفتاح ديمقراطي جزئ لاجس نبضك واذا انت تستجيب بسرعة , وسميتني شيخ الديمقراطيين...ولبيت ايها الشعب الابي كل مطالبي فحولت المنافسة الى مصارعة وانفقت اموالك على  مواطني الفقراء لشراء ذممهم....وتسليت انا كثيرا بتلك الطفولة السياسية الساذجة....
اشركت المرأة في الحياة السياسية ...وقلدتها الوظائف السامية.... وحاربت الجهل والامية...ثم نمت قرير الجفن حتى اسر الي كبير شياطيني باجراء العملية القيصرية الثانية – انا ايها الشعب العزيز – رحيم بك لا احب عمليات الاجهاض القاسية والمؤلمة فقررت الخطوة التالية : سمحت بانشاء الاحزاب السياسية , فتكاثرت كمظاهرات صينية...وخرجتَ افراخا لم يكتمل نبات ريشها فاصابتها الضربات الشمسية..... خلعت بزتي العسكرية ... ولبست بذلتي المدنية.... وقدمت لك هدية ...دمية خشبية , سميتها الديمقراطية ... فما اروعني وما ادهاني ..ايها الشعب افتخر بي  فلن ترى عبقريا يفري فريي ....انا اعظم من الحجاج بن يوسف فذلك يقطف الرؤوس و قد اينعت , اما انا فجعلتك الفاعل والمفعول به فتعجلت انت الحصاد قبل الابان وحططت  القدور قبل نضج مافيها وسارعت الى اطفاء النيران وتجريف الحقول ....وحسنا فعلت وخدمت قائدك الذكي.....توهمت شعبي المغفل انك تحررت من سياسة البيوت المظلمة ...والخطابات المهموسة , ومداهمات زوار الفجر....وتغنيت بالحرية وخرجت في احزابك ....غير مدرك انها آخر رصاصاتي في خاصرة الفكر والقضية.......كنت ايها الشعب قويا هائلا في تنظيماتك السرية ....كنت توظف نفسك ووسائلك كلها خدمة للفكر النامي في الظلام بواسائل بدائية ....كنت مؤمنا بما تحمل من افكاروذلك ما اقلقني كثيرا لانك كنت تعلم الناس الايمان والمبدئية , وتحبب اليهم الاخلاص والتضحية , وترسخ فيهم القناعة والترفع عن الطمع والانانية ..فتلك مذابح الرجال .. لذلك اقنعتك بثاقب عقلي ومكري ان تتخذ الفكر وسيلة .....فطمعت وهنا ايها الشعب ضعفت ...ولو صبرت كان لا بد ان ينضج الفكر ويكبر ويكثر المؤمنون به وينتشر الوعي بين صفوفك وهو ما اخافه كثيرا لكنك انقذت مملكتي وقضيت على قلقي , فحلمت وانت يقظان انك ستاخذ السلطة باسم صديقتي الوفية , وعدوتك الشقية : الديمقراطية .....
ثم اطلقت مواسم الرحلات الكرنفالية , باسم تفقد احوال الرعية , وكنت اجر معي العاصمة كلها الى حيث اذهب ومن فرط محبتك لي لم تشا يوما ان تكدر صفو ضيافتي وانشراح صدري بلقاء المواطنين المؤمنين بقائدهم المنصور, فضربت الخيام التي تفوق في جمالها ونظامها قصور ارقى المدن الاوروبية .....واستقبلني المنعمون واصحاب النضارة والبجاحة واخفوا عني البؤساء الذين قصدتهم حتى لا تدمع عيناي رحمة بهم .....احضرت لي الخيل والجمال والرجال والعلماء والفقهاء والشعراء والنساء والاطفال والقرآن والفقه وطوفانا من الشعر لاستقبالي ... حاصرتني القصائد العصماء طويلة وسريعة وكاملة ووافرة .....فلم يبق في لغة العرب لفظ يفيد التعظيم والتبجيل الا جادت به قرائح شعرائك علي...ولم يبق في امهات كتب الفقه على اختلاف مذاهبها حكم في تقوية وجوب طاعة السلطان الا ردده علماؤك علي.....طبلت لي وزمرت والفت والهت واقنعتني انني الحاكم المطلق الذي لا يزول ملكه .....سميتني كاتبا وشاعرا ومفكرا حتى أريتني دكاترتك ونخبك واساتذتك في التلفاز الوطني يحللون ويستنبطون ويستنطقون الابعاد الفكرية والسياسية والاقتصادية وحتى - وهذا الاهم- الظواهر البلاغية في خطابات رئيس الجمهورية والحق انها مرتجلة امام بعض سكان البادية , لم اتجاوز فيها شكرهم على حسن الضيافة والاستقبال.....
ثم هروبا من روتين انتصاراتي واخفاقاتك ايها الشعب الكريم استعدت بزتي العسكرية ...في لعبة اخرى سميتها مرحلة انتقالية....
فخرجت في احتفالات عفوية , جابت كل الشوارع والمدن الداخلية ...ولم تنتبه انني في اقنعتي التنكرية...وصحت كالطفل البريء عاش صاحب الطلعة البهية ..اهلا بخليفة خير البرية....
واعلم ايها الشعب الكبير انني بما وهبت لك من حريات قضيت على نضج افكارك ...فالاحزاب خراب الافكار...الم تتحول الاحزاب الى اعمال مسرحية اشرفت انا على اخراجها واعطيت كتاب النصوص الاصلية ادوارا ثانوية .... ودسست فيها قطعانا من الكومبرسات فداسوا على مفكريك فصفقوا مع المهرجين ثمنا لتذكرة القطار..ما ذا حصل ايها الشعب العظيم ؟ ادخلتك في جوقتي المسرحية , ومثلت ما استحفظت من ادوار بمهارة وعبقرية .... فانا الذي قررت لك دورك معارضا او مواليا او مستقلا...تلك مسوح منتهية الصلاحية وزعتها عليك حسب هواياتي وامزجتي العصبية....فشغلتك عن الشعب , ومصالح الشعب , وابعدتك عن مبادئك النقية , بمطاردة أحلامك الغبية...ثم لعبت معي لعبتي الذكية , فالقمتك طين سفح الهزيمة وقزمتك حتى لا ينخدع الابرياء البسطاء بمعسول كلامك , قبلت بسذاجتك ان تترشح معي الى كرسي وصلت اليه على ظهردبابة لا ينحني وفرقة مدفعية...شكرا لك ايها الشعب فاستجبت وانقذتني من الاحادية , وسياسة الحزب الواحد الرجعية ...اهدرت اموالك في الحملات وطفقت تلعن امير المؤمنين في مهرجاناتك الجماهيرية , وفي وسائل الاعلام الوطنية ....فاغتر الشعب وظن ان تلك تباشير فجر الحرية ....آه ايها الشعب وانا اتسلى - وتارة اشفق عليك- وزعت عليك جرعا قوية ومخزية , من ارقى مقادير الاخفاقات السياسية ك 1% و3%..و7% فتقيأ ك الشعب وآمن اني الواحد القهار...شكرا ايها الشعب لولاك كانت نجاحاتي مهزلة عبثية , فانا لااحب النجاح بنسبة 99.99% ولا حتى 60%...فتلك امارة الاستبداد والدكتاتورية....
اطلقت يديك تصول في اموال الوطن فشربت البحر واكلت الرمال والسهول باسم المشاريع الوهمية , والتعاونيات النسوية...والمنظمات غير الحكومية ..والمبادرات الانسانية....ولدواع امنية...ومهام سياسية ...واشياء اخرى كثيرة لم ادر ما هيه ...لأنسج منها حبال مشانقك ان سولت لك نفسك يوما ان تقول : لا , فبنيت القصور في مهامه الصحراء وملات الاودية ابلا وشاء ..وضاقت حساباتك  بالاموال غير الشرعية....
شرعت لك الصحف بلا رقيب , والمواقع الالكترونية , كالحصى تقيء فيها كل وقت سخافاتك ....وانا اطرب لما يسيل عليها من ابوال اقلامك ... فهي تدعو لي وتمجدني بابلغ البراهين ...والحجج القوية...
 اليس تاكيد المدح بما يشبه الذم من اساليب البلاغة العربية....ثم انظر ايها الشعب وتعلم من دهاء قائدك المظفر ...لقد ساويت بعدلي بين كبار زعموا الشعب قرأهم مع الابجدية  وصغار لم يتجاوزوا سن المراهقة السياسية , وتكافأت احزاب جبلية وأخرى مجهرية , لاتدركها العيون البشرية , فاجلستهم في ندية , آه يا لها تسلية...
واخيرا اسمع مني ايها الشعب العظيم هل تعلم ان المعارضة حقيقة هي داعمتي الاصلية ....... وهي الشهادة لي باني حامي الديمقراطية..وصاحب الشرعية الابدية...وكلما نادت ضدي سجلت لي من حيث لا تعلم نقاطا اعلوا بها الى شرفات الشهرة العالمية , في توفير حرية الراي للرعية  ..فلها مني خالص الود والتحية .....اما الموالاة فما هي الا معارضة جبانة تمارس سياسة التقية......
ايها الشعب لقد جعلتهم جميعا يتصارعون بلا قضية فمتى يدركون ان الوطن هو القضية...؟؟؟؟؟


الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012



المرتضى / محمد اشفق
ممثل السلطان في القرية

هو عسكري سام من لجنة الامراء آنذاك.....تشرفت المدينة البائسة باستقباله قائدا فيها ...فابيضت لياليها ...وبسمت لها الايام بعد عبوس.....هو نور مبارك تعالت اشعته في سماء قاتمة لم تعرف قبله الا الظلام ....هو غيث تدارك  ضعف ظماء الصحاري والضياع...هو هدية السماء لابناء هذه المدينة بعد ان طحنتهم لعنة الحظوظ المتعثرة.....هكذا وصفه قادتنا المحليون الذين طمعوا ان تنظر اليهم عين رعاية حاكم البلاد ....وهكذا كافأهم ممثله بوعد صادق ترقبوه ترقب المنهكين غيث السماء ليخرج لهم من بركات الارض.....اذاعوا في العامة قرب حضور الزعيم البطل...محرر الارض ومجد الوطن....من سيرد الكرامة المهدورة ...ويغني امام السلطان بامجاد القوم ويشرح له كيف كانوا شمسا على  القياد ...وكيف كانوا اقمارا في سماء البطولات والشهامات ...فهو اذن السلطان التي يسمع بها , ويده التي يبطش بها , وعينه التي يبصر بها....كل ذلك ايقظ في العامة شعورا كاد يقتله الياس والسنوات العجاف , ورداءة الزمن الجديد...حمية عصبية تتقد في المغفلين يركبها المكرة الى غاياتهم ...ثم ينسونها ....تفرق دعاة تحضير استقبال الزعيم في مناكب احياء القوم...احضرت الدفوف والمغنيات ....واستحر القتل في الغنم والابل حتى سالت بطحاء الحي دما قربانا لطلعة ممثل السلطان البهية...انتظمت الصفوف تتطلع الى بدر يفري الدجى ضحى ذلك اليوم الذي احتجبت شمسه وراء الغبار وابت عواصفه الا ان تشارك في استقبال كبير قدر المقام.....كان صاحبنا من غزية بل اقنع ان الشعر هو قرى الكبار للكبار لان ما سواه من عناصر الضيافة متوفر لا تتميز فيه امة عن امة.....واذا كبرياؤه تنحني امام خطابات محكمة من وجوب ان يكون " ذو الصوم من القوم"...واذا هو ان رفض عاق خائن بلا كرامة......حضر الشيخ الحربي في بذلته الداكنة.. كنا نترقبه ...وكنا متطلعين الى رؤية هذا المخلوق العجيب النادر من مخلوقات الله... نزل من سيارته ....كان اقرب الى القصر....تقرأ على صفحة وجهه بخط التجاعيد الواضح : انا ابن السبعين....كان جسمه غريبا في بذلته وحذائه الخشن رغم انه حليق لاتميز ذقنه من لسانه....لما رأى الصفوف وسمع المغنيات تصيح ب"اتهيدين" ارتبك وارتعد وكاد يلجمه العرق الذي بلل قميصه وسرواله حتى شرع للبعض ان يقول ان معاليه – لا قدر الله -  قد بال من هول ما رأى ..فلم يستطع ان يرفع بصره عن الارض ... اختلطت خطاه وكات ساقه تعثر ساقه .. رفع يديه رفعا سريعا كموسوس عند تكبرة الاحرام ....كان لا يصدق ان الزغاريد ونقر الطبول وشيوخا وقرا كأن على رؤوسهم كؤوس الماء , ان كل ذلك اعد لاستقبال حضرته واظهار البهجة بطالعه السعد. ....انتبه بعضهم الى ما يعانيه الرجل ...فقصروا الطريق واختزلت بعض مراسيم الحفل.
 في جانب أخر عضو من الوفد الحكومي ..امرة....في غابة من النساء ....ترتفع جلبتهن حتى تجزم انها الحرب استعرت.......كانت المسكينات تبالغن في الترحاب والتودد الى درجة التملق والنفاق......فقد اقنعن ان فرصتهن سنحت لتسطير ما اندرس من مجدهن وسمعة قومهن......فاستكرهن على ان يجدن  بما يؤثرن من امتعتهن : ملاحف ..نمارق....حلى....عطور ..جواهروغير ذلك من مستلزمات غالية ....امتلا صحن الخيمة واصبحت كاحد اسواق العاصمة ايام العيد.....وكانت السيدة تتفضل عليهن بابتسامة شاحبة اعترافا بجميلهن....ثم اقتيدت الى الدار لتستقبلها الماشطات وفنانات الحناء والرسوم على الاكف....
تحلق الناس لسماع خطاب مهم ...فتراصت صفوفهم , وامر آمرهم ان يجلس الكل , وساد الصمت اجلالا لخطبة عظيمة...ثم بدا ان الخطبة  جمل قليلة وجد القائد البطل ممثل امير البلاد صعوبة كبيرة في ترتيب عناصرها ..قال بصوت مهموس يرتعد ويتقطع : الرئيس يسلم الرئيس جدا عليكم وسابلغه سلامكم ان شاء الله بحول الله.. انتهى الخطاب....ومع التصفيق غافلت الحضور والجنود المرافقين للحراسة شابة جسور قليلة الحياء ....شقت الصفوف المتراصة ولم يقدر احد على مسكها اوثنيها عن قصدها ...تواقاها القوم بتغطية وجوههم لما رأوا من نزقها وعدم تهيبها.... بدات الفتاة رقصة رائعة فيها تثني الهنديات وتلوي الافاعى ....دارت دوارانا سريعا كالخذروف , فذرت على رؤوس القوم التراب , وفي اعينهم الحصا.. ثم حملت بساطا من الاشربة وصبته على  ظهور بعض الشيوخ في مغازلة مستهترة وتحد سافر لوقارهم...لم تكتف بهذا فقط بل اقتلعت احدى ركائز الخيمة التي يجلس تحتها القائد ورمتها على راسه ثم تلقفت قدح شراب واهرقته في حجره .....وواصلت طريقها تتفنن في رقصتها العجيبة  ..تتثنى في دلال وكبرياء وسرعة غربية....وكان على بعد امتار صبية يصيحون عليها " جنب..جنب...خيمتن فيها النبي"

المرتضى ولد محمد اشفق

الأحد، 4 نوفمبر 2012



المرتضى /محمد اشفق

ولما اتيت الخفافيش ولت

من الليل جئت
من الكبرياء
شعاعا يبدد غيم غباء
يجفف دمع شقاء
من الزمن  المر جئت
أغاني وفاء
وموج ضياء
تحطم الاغلال عن كل رجل
وتغسل عن كل وجه غبار عناء
وتوقظ كل ضعيف
وتقنعه أنه قوة من إباء
تزيح الكبول عن الأبرياء
وتنفي الخمول عن الأقوياء
     ***********
من الرفض صغت فصول كفاحك
رفعت الحصار المطوق كل سحابه
كسرت العقال المعطل كل حمامه
وعن كل نسر فككت القيود
فما عاد فينا مهيض جناح
وما عاد فينا جديب جدود
وكل العصافير عادت تغني
وكل حصاة توقع لحن انتصار
   ***********
صغار النباتات قد سمقت
تحسس جيد السماء
تداعب وجه السحاب
فينسكب ا لماء على الأرض بحر صفاء
ونبع سخاء
   ***********
أتيت رسولا من الأوفياء
وأطلقت صمت ا لحروف فندت تقبل وهج الشعاع
لتصبح عطرا يذيب عصي الصخور
وكل البساتين صار نداها بحارا
وطوب الملاعب أضحى نضارا
    ***********
شققت طريقك من ظلمة العسف من قبضة القهر
من طمس كل معالمه
وانطلقت تزمجر كالزعزع
تدفق منهمرا مائجا كالمحيط
لتبتلع الغول والهول والمرجفين
وكل الجلاميد تضربها
فتفجر ماء يروي ا لحقول
وتسقي السنابل من قلبها 
وتندى المزارع بعد الذبول                   
    ***********
ولما أتيت الخفافيش ولت
وكل الثعالب ماتت
وكل الذئاب
ولما أتيت مسيلمة أهرق الحبر
أوقف درس الصلاة
ودرس الحديث ودرس الحساب
وهذا الغفاري يخطب فينا ويقرأ أم الكتاب
وأشرقت يا فجر بعد الغروب
وبعدا لكروب
وبعد سواد الخطوب
وقد مزقتنا الرزايا وعشعش فينا الشحوب
وليل طويل طويل
وزوبعة من بكا وعويل
   ***********
وأشرقت دنيا من السحر والمعجزات
وخيلك مسرجة والفضاء صهيل
وجئت كما القطر يهمي ويسري ينابيع في كل صحراء
لتصبح من بعد ممرعة, وتضحي الشواطئ دافئة وتغدو البساتين مزهرة
وطين المزارع من عسجد
   ***********
من الأمس جئت
ومن برك الدم أمطرت طوفان ماء زلال
فكل الأحاديث أغنية
وكل البحار رحيق
وكل الحجارة من لؤلؤ
وكل التراب عقيق
سماؤك نور وأرضك مزرعة وبحار
أثيرك من عبق الزهر ما عاد فيه اغبرار
وحتى الورود شذاها غنا ونداها اخضرار
    ***********
من الغيب جئت
ووابل غيمك منبجس
يسيع سيولا يغذي عروق النخيل
يغطي البطاح
فينشرح الزرع , تزهو منابته وتفيض الربا وتضوع مسكا
يدغدغ صمت السكون وهمس المروج
فأنت الطريق إلى المجد
تهب الكرامة من سجنها وتطير تصارع عز النجوم
وأنت الإرادة هازئة بركام العراقيل
خالقة ومدوية ترفض الجبن وتأبى خمول الذليل
وفلسفة الحزم والانصياع
تريد الحياة شموخا وحرية تخلق المستحيل
وتأبى الضياع                                                                                          
   ***********
وأنت المحرر من كل ظلم
فكل المشاعر قد خرجت من حمى قفص الكبت
سابحة في فضاء وسيع من الخلق, نابضة بحنين الحياه
وما عاد فينا قطيع من الكلمات العجاف
وحرف يئن
ولا صورة ركبت في بيوت اللحام
وأفكارنا انطلقت من سجوف الظلام
وعلم الكلام
تحرك , تخلق وعيا يضيء
    ***********
من العزم جئت
ومن غضب المؤمنين
تكاتفهم كالبناء المتين
من ألواحنا الخشبيه
من النور يجري عليها حروفا وفكرا
ومن عطر أقلامنا البدويه
تعب مياه محابرنا
وتبعثها جذوة من إباء
   ***********
من الغيب جئت, أيا حلم الأرض تدركه
في ابتسام الصباح
ويا نغمة عسليه
توقع مثقلة كالسحاب
تروي صدى ظامئات الهضاب
فتنسى الروامس, تنسى السموم وتيه السراب
   ***********
تفتق وردي أحلامنا
تحقق أعذب آمالنا
والارض البهيجة قد خلعت كل طمر
وها هي تسبح في مرح وحبور
وهناء
                         المرتضى ولد محمد اشفق