الجمعة، 18 ديسمبر 2015



المرتضى /محمد اشفق(1983)









أوراق منسية



رأيت أمس طفـــــــــــــلة                 وقيــــــــــــت شــر الخـــطر

في عينـــــها اليمنى حـيا                  أوكســل عن نظــــــــــــــــر

سألتهــا فاعـــــــــتصمت                  وراء صـــــــــــــمت مخبـر

ونظــرت فـــــــــــي أسفل                كباحـــــث عن حـــــــــــجــر

تحــركت فـــــــــــــحـركت                 نتوء صدر مثــــــــــــــــمر

 ولمــــــــعت تــــــموجـــا                 ت شعـــــــــرها الــمنتشر 

تخالــــها من القفـــــــــــا                 حديقة مـــــــــن شعـــــــــر

ومن أمـــــامهاتـــــــــــرا                 ها قطعة مــــــــــن قمــــــر

كلمتها فارتـــــــــــــعشت                 مــــــــــــــن قدم لــــــــنحر

وانحبست حروفـهـــــــــا                 داخـــــــــل ثغــــــــر مسـكر

وانطلقـــــــــت كنغمـــــة                  أو غمــــــــــزة لــــــــــوتر

ألا تــــــــــرى وقوفـــــنا                  هنا صنـيع مــــــــــــــــنكر؟

وطفقت تبحـــــرفــــــــي                  قوامــــــها الــــــــــــــمـعبر

وكنت كــــــــلي مرصــدا                  فما اختـــــــفت عن بصري

وخرجت من (دوشهــــــا)                فـــــــي أشقر مـــــــــــبـعثر

تقطرمثل نخــــــــــــــــلة                  بعد نـــــــــهار ممـــــــــطر

فارتبكت وحاولــــــــــــت                 أن تـــــــختفـي فـي الـمئزر

تقول ما رأيت مثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلك طــــــــوال عــــــــمري

 لولا الحيا لبحت مــــــــن                 خبــــــــــرها بـــــــــــــأكثر

لكنما لولا اقتـــــــــــضت                  وجــــوب حــــــــذف الـخبر

وبت لــــــــــــــي مواهب                 وبــي فضــــــــول مـكــــــثر

المرتضى بن محمد أشفق1983


السبت، 12 ديسمبر 2015


المرتضى /محمد اشفق
                                      استقالة







لما مررت جنوب نـافذة جيرانها ، كانت جالسة علــى عتبة البـــاب الشرقي  كانت محلولة الكم العلوي .. وتهاوى إلـــى فخذها يتعلق بجـلدة رقيقة بارزة العروق، لم يبد على الصدر أي شعور بثقل الحمل،
وكان فـــــي آخر الجسم الــــهاوي تكور خفيف كفـــــضلة شاي فــــي قرن مخلاة  ، لم يتردد ، لـم يتلعثم  قال : أنا مستـــقيل، وقبلت الاستقالة أيضا بلا تردد ، سارعت المســــكينـة إلـــــــــــــى مسكه كجــسم أجنبـــــــي ، وكمن فـــــوجئ ينظر في مرآة ، حاولت إخفاءه  لكن الـــــمنكوبة لم تدرك أن الوقت قد فات ....







                            المرتضى بن محمد أشفق 2000 


الخميس، 19 نوفمبر 2015

المرتضى /محمد اشفق

الشمع الأحمر 
هل يمكن لغبار السنين المتتالية أن ينقشع فجاة وفي الحفرة قبس متوهج؟؟؟؟ ما كان صاحبنا يقدر وهو يرتب الارقام السبعة ان الصوت الذي سينبعث يختزل مسافات زمنية طويلة ؟؟وكان حديث عابر لغوي , فيه مجاملات باردة....
لكنه انتهى وفي النفس حروف كان ينبغي تخرج....فتحركت..ونمت....وتمددت......وكبرت......وضاق
بها الصدر...فتحسست طريقها , وانقضت على المقبض وخرجت عبر الارقام السبعة....واذا الصوت يحمل حرارة , وعطرا, ودنيا....ثم تواصل انين الحروف وهي تكابد ولادة عسيرة لجنين شاخ في الرحم.....ثم كانت ليلة....كان كل شيء هادئا.....النجوم متدثرة بالغبار, وموجات البرد الضعيفة تتحرك عبر فترات متباعدة, وسكن الليل وسابلة الليل......الا من لغط المراهقين يضربون في الارض على غير هدى يفنون بعض طاقاتهم , ويهدرون بعض عافيتهم عبر امواج الدخان يقذفونها من افواههم في كل اتجاه.........وكان الحي الهدف يشهد انبعاثا مفاجئا لاضواء المصابيح اليدوية, اغلبها عند شيوخ يبحث بعضهم عن عجول كبار استانست بالراحة والدفء وراء الدور الخربة بدل جلد الحلابين والضروع الفارغة, وبعضهم يبحث عن نعاج ملت المغازلات الاليمة لاثدائها كي تجود بما لاتملك....وربما وجه اليك بعض هؤلاء الشيوخ مصباحه متوهما انك الضالة او ليستخبرك عنها....
التقيا من قبل عرضا, في تقاطعات متباعدة , لكن الاثارة كانت نائمة , اما حديثهما الان فكان اكثر حميمية من ذي قبل او هكذا خيل اليهما وهما في نقطة البداية , وبذل صاحبنا الجهد كي يختزل عبر فترات الشرود والذهول والحيرة , والفناء في لحظة العدمية.........وكانت اعتذارات من هنا وهناك تشد الى الزمن الميت واخرى تحاول ان تجر بعناء الى الزمن المفقود.........
سرحا قليلا...حاولا ان يجترا من الماضي ..لكن..؟؟؟ ما أقسى ان نبحث عن موجود مفقود ....وما اتعس الانسان يحاول ان يغير اتجاه الزمن, او ان يوقفه...مستحيل ان تعيش الماضي حقيقة ويقظة , بل تعيشه حلما وحنينا.....تختلس منك لك لحظات تنعدم فيها , وتتحول الى عوالم من السحر, والجمال , والصفاء المطلق , تفر من الزمان الى اللازمان , ومن المكان الى اللامكان , واذا انت شيء لاشيء , سابح غارق في حلاوة العدم, لارقيب ولاناس , كافر بالسبل القبلية والبعدية...ثم تحين لحظة الماساة , لحظة الانتباه المفاجئ والعودة الى الرشد ... واذا الحاضر يشدك شدا عنيفا ليخرجك من عذوبة ضلالك , ومتعة غيك , ويرميك في ضجر الوعي وءالام الصراط المستقيم.....
اعترفت انها حصان من تاثيرات الزمن , بل ان الزمن اضعف من ان يوهن الطاقات الفائقة , وان في التفاصيل التي ترويها برهانا على صدق دعواها..... ثم تدرك ان للزمن اثارا وانها بادية ...وان الكلمات التي كانت تتحدث بها في الماضي بريئة ,, عفوية , فيها شغب الطفولة , وعبق الاسحار,, اما كلماتها الليلة ففيها وقار, وشيء من الانحناء , وفيها اسلوب السرد الواعي الملتفت الى الوراء ,.. كانت تدرك انها الهدف وغير الهدف, كانت تبحث عن شيء ما , تعبت..اعتذرت..., تاهت في منحنيات القصص الرخيص لكنها لم تهتد الى نفسها.....كان صاحبنا غارقا الى اذنيه في بحر الحيرة ..والشرود...لقد انفصل عن ذاته....وهو يستمع ولا يسمع شيئا...كانت الجمل كالغيلان تصفعه...وكان ينتبه من حين لاخر فيدرك انه خال الوفاض من الكلمات وان لسانه مشدود الى وتد...او كانه في غابة حروف محترقة.....ينظر تلقاء نفسه فلا يرى الا رمادا باردا.....تراكم الليل على بعضه , وثقلت خطا المارة, وهما يحلمان ,, ويصغيان الى اللاشيء, والتقت يداهما على قنينة الشمع الاحمر...
                                                          المرتضى/محمد اشفق 

الأربعاء، 4 نوفمبر 2015


   من مفردات الزمن الرديء:                              
المرتضى/محمد اشفق


 الديمقراطية المحنة (1):كتب نفمبر2002 

كانوا صغارا يكتفون بالفتات وما يانف الكبار عن حمله من رخيص المتاع  لصيق الارض , ..يخرجون اليه في العتمة , ويعودون باجربة ملئت حشفا ومزعا متسخة وسرجينا وتارة بارجل الصراصير.
كان دورهم التفرج من بعيد , وترديد عبارات التمجيد الزائفة ..اما الغنائم وشرف الانتصار فللكبار, والصغار- بفتح الصاد - فللصغار..
في الصباح تحدث معركة ضروس تستخدم فيها السكاكين والقواديم مع حركات متقنة من سواعد مفتولة لرجال اشداء ...الضحايا قطعان شاء وابل وبقر ..تنقل اخيرا بعد عملية الفتك والتقتيل الى قبورها..القبور هي بطون الناس....عندما يخيم الليل ياتي دور الابطال الصغار...كلاب سائبة وقطط  تلتقط ما استقذره الجزارون..وكم هو ضحل ما يتعفف الجزارون عن حمله وبيعه..
هناك جزارون ءاخرون يبيدون قطعانا ليست من الشاء والابل والبقر ..هي قطعان ءادمية...وهناك دواجن صغار ليسوا من الكلاب ولا القطط السائية ..بل من ولد ءادم...يظهرون في مجازر السياسة اول امرهم
ملثمين , مقرين ان عملهم حقير , واهدافهم وضيعة , لذلك احتاجوا الى الليل والهمس والاقنعة التنكرية..ففي الناس بقية اخلاق..
وعندما يشتد لهيب المعركة , ويكثر الضحايا و الغنائم ..يتدفق لعاب الشهية مدرارا وتسيل اودية وبطاح بقدرها..ويتزاحم الناس الساق بالساق والمنكب بالمنكب والضرس بالضرس لا ليرصوا صفوفهم في الصلاة ولا ليقبلوا الحجر الاسود...هنا يحتاج الكبار الى الصغار في المعركة فيشرعون لهم حق التطفل من قريب لكن بشرط قاس !! لابد ان يخضع كل الصغار لعملية خصاء حتى ينسوا انهم كانوا رجالا , ويسخروا من مهزلة الشرف والشهامة...ثم يسمح لهم ان يدخلوا خدر الحسناء دون ان يؤذوها.
بعض الكلاب والقطط الداجنة لم تعد تتجشم السرى الى المجزرة البعيدة , ففي ما يبقى على الاوضام مما ياباه المشترون بل ما يفوق حاجتهم ما هو اغلى واطيب واقل كلفة...الصغار ايضا فاقدوا الرجولة اصبحوا يرفضون ان يصنفوا مع غير اولي الاربة من الرجال , فقد اكتنزوا لحما وطبقوا شحما والزمن اصبح اكثر رداءة والقيم اشد ضعة...لكن فعل الذبح الذي مارسه عليهم الجزارون السياسيون جعل نصيبهم لا يتعدى الفتات الملتصق بافرشة الطعام ...حبات ارز, وقطع لحم ممصوصة , وعظام مهشمة متفولة استعصت على اضراس الكبار...هل نسوا انهم كانوا يصطرعون عليها حبوا على الركب والمرافق , وزحفا على البطون , لان قاماتهم تعودت حالة الانبطاح...
وذات يوم حمي الوطيس ووجه الكبار سلاحهم الى بعضهم ....وبطشت سكين الجزار السياسي بكرش منافسه فتدلت الاقتاب وما حوت الحشايا من الشحوم....واذا صغار الامس يتدافعون لياخذوا مواقع اشد هبوطا...فسمح لهم ان يكونوا دروعا بشرية واجساما مفخخة , فاحتاجوا الى وقود يتناسب وحجم الحركة...الى علف زائد...فصار لهم ان يتلقوا الكدمات والصفعات والبصاق على الوجوه ونتف اللحى.....ثم تلبد الفضاء السياسي بغيوم اقتم وتحركت الاعاصير والزلازل...وبعد ان هدات الطبيعة واستوت السفينة في قعر المستنقع تشققت الارض عن اؤلئك الصغار في شكل مخلوقات مشوهة يقتلها الضوء وتختنق بالاكسيجين..ولهث الجميع في حمارة القيظ وصبارة القر والقوا كل الاقنعة التنكرية , فما عادوا بحاجة اليها ولا الى  الليل والهمس...لهثوا وراء العجوز القبيحة وعقدت انكحة سياسية بين المحارم , ودون انتظار لاكتمال العدد ففي الفقه سعة وفي الفقهاء انفتاح و سماحة....حاولوا تلميع الهدف...حاولوا ان يجعلوه نبيلا لكن الصورة ظلت معتمة , فالعروس لا يبني بها الا الخصيان...عاد الكبار الى مدارج لم يتجاوزوها اصلا , الى طفولتهم السياسية ..اما الصغار فحاولوا استنبات لحاهم لكن اثداءهم كانت تتدلى.
                   
                             المرتضى ولد محمد اشفق 2002
من مفردات الزمن الرديء :
المرتضى/محمد اشفق
              الديمقراطية المحنة (2) كتب فبراير2006

هاذم اللذات، مفــــرق الأحبة..... لو سألت مشرد الأزقة ، او حتى غراب المزبلة عن المقصود لأجابا: الموت ... كان هذا أيــــــام كان الموت وحده مفرق الأحبة وهاذم اللذات ، الموت ظاهرة حتمية وقضاء ماض دون تعثر,هو الغول الــــذي يهـــــدد هدوء الـحياة وطيبها، لكنه كان ظاهرة مألوفة تصد أثار جحافـــله مهما بطشت وفتكت بسلاح أمضى وقوة أعظم هي الإيمان ... ثم  نزل اهل بيت لئيــــم ( الفكر الهزيل ورداءة الزمن) والقيا عصا التسيار في هذه الارض وطاب لهما فيها القرار ... وجاءت المشؤومة وسبق الجسم العقل اليها وخطب فيــــــــها البلغاء وحاز باقل جائزة الـــــخطيب، وخطبها كل فحل وكل خصي، واذا العجوز الشمطاء برزة  بضة فـــي اعين العور، فانتفخت اجسام  رغم النحول، وألف الأميون المجلدات فـــــي شتــــــى صنوف المعرفة، وملأت لحى النساء مابين مناكبهن.. وتدفــــــق الــــــحليب مدرارا ومغزارا من أثداء الرجال المتدلية كاورام سرطانية , وهم يتمايلون يجرون اعجازا كحناطير الاسكندرية، والطوابيركيلومترية فـــللشاب مصة وللشيخ مصتان، فراينا الاقزام يتطاولون الى تلابيب القمر ، وراينا ذوي الاظافر القرعاء يحفــــــــــرون فــــــي الصخر ليؤذوه ، وراينا اصحاب الارجل القصيرة يتـسلقون القمم...وامتلات السوح بشيوخ بني المصطلق يبكون الناس بمواعظهم  وعجائز بني قريظة يحرضن القوم على الوفـــاء والنقاء وسلك الصراط المستقيم... ونجحت الدعية فـــــي اغـــوائنا فـــعبدناها .. شهدنا بنبوة مسيلمة وصلينا وراءه...استمعنا من ابي لهب لدرس الفقه والقرءان...وتحلقنا حول سجاح تشرح الموطا والاربعين..... انتفـــخت بطوننا كالصهــــاريج ولم نشبع، وامتلات الجيوب بالــــمال الساري فـــــي دهمة ليل بشع من الـخزي والعار وظللنا مساكين نستجدي بائعات القرنفل والنعناع .... ، واذانحن كرمال الصحراء نرحل يمينـــــا وشمالا ، وتمتد الـــسنتنــــــــا صوب المشرق لتلحس الفــــــتات القادم مـن الشرق ، وتنساب اذرعا نحو الــــمغرب لتلعق الصديد الـــمتدفق من الغرب.... ما ارحم الموت يدفــــــــــــن ضحاياه رغم الجراح النازفة الـى حين .... اما اموات الدعية فجيف تملا الشوارع والقصور وحتــــــــــى اكواخ القش وبيوت الـوبر، ويظل النتن ورائحة الدود المزدحم والصراخ المتواصل من الم المتعة وعويل الاعراس المقرفة اغنية الافاكين.
الضائع اليوم من فكر فــــــــي رحلة البحث عن الذات ، امس رحلنا تجارا ومتعلمين الـــى ما وراء البحار لنحميها واليوم عدنا تجـــــارا وعلماء لنبيعها بثمن بخس.. دراهم ملفوفــة...عدنا و وجوهنا حديد اكله الصدا وحياؤنا آوى الى وكر لبد..
عدنا لنفتح  اسواق الــــــنخـــــاسة الــــسياسية.. ونــــبيع حشــــفا وسوء كيلة.... والقوم يلحنون ويربحون. ..وعلـــــى كل وضم تتناثر مزع قصيدة جاهلية عافتها الكلاب الضمر..المحظوظ منا من قبل بعد امتحان عسير عضوا وضيعا في جوقة الزعيم...مطبلا او مزمرا..او متسولا سياسيا او لاعق ملاعق...او عجلا سمينا في القطيع المعد للذبح.... قدر علينا ان نظل فــــي رحلة الــــــتيه والضياع نطارد اطماعا عراضا فــــــي سنوات عجاف... قدر ان نرى بقرات عجافا واخر اعجفها الـشحم، وسنبلات يابسات واخر ايبستها الخضرة.. ويموت العزيز وتاتي العير فاذا الخازن يؤسف لايوسف...  

الجمعة، 11 سبتمبر 2015



المرتضى /محمد اشفق

حبيبي رسول الله......








حبيبــــي رســـــــــــول الله رياك أعطر  وقاليك متبــــــــــور وشانيك أبتر

مقامك محمــــود ودينــــــــــــك رحمة   وسمتك نبــــراس من الحق أزهر

ولمـــا أتيت: الليل ولت سجوفــــــــــه   وأشرقت الانوار تعلــــــو وتمطر

ودكت علــــى الطغيان أعتـى حصونه   وذلت شيـــــــاطين البغاة وأدبروا

ألســــت أعز النـــــــاس خلقا ومحتدا   وأفـــــــضل مبعوث يجاب وينصر

وأكرم من أعطــــى وأصدق من دعـا   وأعظم من فـــــــيه المحامد تنشر

وأرحم من أحنـــــى وأخلص من هدى   وأوفى وأعفــــــــى من يعز ويقدر

فــــــأنت حبيــــب الله خاتـــــــم رسله    وفــيك من الاوصاف ما ليس يذكر

وقدرك أعلـــى من مخازي عصــــابة   بأفواهها الغسلين والموت الاحمر

طغام مــــــن ابوام تنــــق كانهـــــــــا    كـــــــوابيس ممسوس يغل ويقهر

نباح الكلاب الشمس هل ضر نورها   ونور رســــــول الله أصفى وأنور

يورشها جبس وأخرق تافـــــــــــــــه    وأحمق مخــــــــــبول وأدرد أبخر

شقي , لقى مستوحش الفــــكر سافل    يعوذ بأبـــــــوال الحضارات أعور

طريــــــــد عن الانوار والحق ناصع   ويخبط فــي الظلماء يعشو, ونبصر

ويكرع فـــــــــــي الاوحال قالي نبينا   وفــــي عرصات الحق نجلو, ويعثر

حبيبــــــي رسول الله... مـا يصنعونه   بغام جبان مـــــــــــــن جمالك يوجر

فعرضك فوق الشمس والنجم والسما وأفــــــــعالك الحسناء أعلى وأطهر

ومــــــــا يسطرون اليوم بنيان عنكب  وفـــــي كل حرف يطمسون وتظهر

تعاليت عــــــــــن حقد الاباليس سيدي ففـــــــي ما تعاطوا يصغرون وتكبر

فــــــــــــــــانت حبيب الله والله ناصر   وانت رســــــول الله والله اكبـــــــر

                                                    المرتضى / محمد اشفق 

الثلاثاء، 25 أغسطس 2015


المرتضى / محمد اشفق

احمد زازه ..وبقرة لمرابط.....
                                                                              

هي بقرة قرناء غامض لونها تسوء الناظرين...اشتراها لمرابط لتكو ن ثانية لاخرى بعد كارثة "قرجه" التي قضت على ما انف الجفاف عن ابادته....
لمرابط رجل فخور ذو دعاو متعددة في الكرامات...يدعي العلاقات بالجن يسلطهم على من يشاء ويصرفهم عمن يشاء...ويكلفه الاموات برسائلهم الى ذويهم....اذا سمع مثلا في الاك ان جمل اهل سيدي ذكر في شكار أجرسيارة الى القرية ليسبق صاحب الخبر ويقول ان جدهم الذي مات منذ قرنين كلفه بتوصيل المعلومة الى ابنائه...وهكذا تخافه العامة وتعده "صالحا"...
لكن بقرته جرت له كثيرا من المتاعب ..فاصبحت مصدر التنكيت عليه حتى سئمها و كره ذكرها واحاديث الناس عنها...
هي بقرة ذات شان...."زرزورية" ( قصيرة الاثداء)...يعسر اخراج لبنها علي غير العصبة اولي القوة من المتمرسين من الحلابة...اذا جلس تحتها الماهر أن .. واشتكى وباءت محاولاته الأولى كلها بالفشل لصعوبة مسك الثدي اولا ثم لعسر خروج اللبن الذي يشبه عند خروجه خيوط العنكبوت و اسلاك الريق التي تخرج من اشداق البقرة اثناء عملية الاجترار....تعاقب عليها سبعة رهط مشهود لهم بالمهارة والقوة ...لم يعد اليها حلاب قط كانوا جميعا يستقيلون في الليلة الاولى...وجاء "احمد المعروف باحمد زازه" وهو رجل مشهور في كل ما يتعلق بالبقر من حلاب وتذليل وفطام ...الخ تساعده في ذلك بنية عضلية قوية ومتماسكة....يدعي انه فنان عصره في شؤون البقر ...قال له لمرابط "احيمد " اذا افلحت في مداومة الحلاب سيكون اجرك كثيرا في الدنيا والاخرة...فاجابه والله لو كانت ثورا لحلبته وصاح : زازه...ثم لا تتعب نفسك في شراء حبل " يامرابطي"انا اقيد البقر بذكري واردف : "ينسخ اعبو" وصاح " زازه" وزازه دعوة للمبارزة عادة في بعض الالعاب التي يطبعها العنف غالبا لكن احمد يدعو للمبارزة في شان آخر...
احمد يمتلك حصانة اجتماعية قوية...يتقبل المجتمع كل ما يصدر منه ويحوله الى وسيلة ترفيه...كان شبه الكتاب الوحيد الذي تقرأ منه النساء انصاف الاميات قصص الحب المحلية والمغامرات الجنسية ..كن يستدرجنه وربما دفعن له الهدايا مقابل البوح الذي يخلط فيه كثيرا بين الحقيقة والخيال....وهو يغتنم الفرصة للتفوه بالمسكوت عنه...احب المجالس اليه تلك التي يكون فيها الرجل مع ابيه او صهره  اوالمجموعة المختلطة من الرجال الوقر المهيبين والنساء المتفاوتين في الاعمار ليخرج الريح جهرا ويقول الكلمات المحرجة ويظهر عورته عمدا لانه لا يلبس السروال ابدا .. له منطقة تتوسط ظهره وبطنه ويبقى جنباه ومقاه بارزين..  
كان مستودع اسرار الكثيرين من اترابه الذين اصبحوا شيوخ محاظر او ائمة او موظفين سامين... كانوا يوظفونه في رسائل الغرام والجمع بين العشاق..والآن وقد كبروا وتغيرت حالهم واصبحوا – في زعمهم - بنى اجتماعية فوقية لا يليق بهم ان يسمعوا من تاريخهم ما لا يتناسب مع مكاناتهم....لكن ما ل"احمد" ومايريدون...لقد امتلكوا ثروة العلم والمقامات لكن ثروته اغلى واخطر:  احراجهم باذاعة اسرارهم لابنائهم الذين اصبحوا ايضا رجالا او لزوجاتهم وامام اعينهم ... كان يهدد اقوى الشيوخ واعزهم مكانة ...يباغت محمد المصطفى وهو بين طلبته يشرح لهم بعض نصوص الرسالة....او ابياتا من الفية ابن مالك فيقول : "امسيكينه فا........." ويمد الفاء مدا طويلا يحيل به الشيخ الى فترة الشباب واحدى بطلاتها ويكتفي الشيخ بغمزة من طرف عينه فيها تهديد سلمي ورشوة بهدية سوف تقدم لاحمد كثيرا ما تكون "صاك من سكر التلجي واربع من 8147 او حولي من النيله " ثم يردف الشيخ قائلا "احيمدارباطك" (وهي ألبق وسائل العتاب الديبلوماسي بالحسانية)" اعطو لاحيمد اقامه من اتاي" يعلم احمد انها مقدم الرشوة والبقية في الطريق فيرد احمد" مغنيا:
   حاجلك ملكان     فـــزريبت لغنم
  وبيتي عنيان       يفـريخت لخدم
" زازه..زازه ما هون راجل ماهو آن والل لمبهلل افحل اهل احمد" "ينسخ اعبو"... ويقول "آن عندي ش نبغيه ينشرح لي هذا الكاف :
ثم يتكلم همسا حتى اذا وصل  : عبد اللذين.... جهر بها وعاد الى الكلام سرا......تجاهله الشيخ وتشاغل عنه بامر احد الطلبة بالقراءة وكان الامام محمد يحيى حاضرا...ولما انتهى الدرس وبقي الامام والشيخ قال الامام : سؤال احمد مطروح ..انا فكرت ان هذه المرة الاولى التي ارى فيها اسم الموصول بلا صلة...ضحك الشيخ ونظر عن يمينه وعن شماله ليطمئن انهما وحيدان وقال : صدقت : ف"عبد" مبتدأ والجملة الموصولة البادئة باللذين (عند  المحدثين مضاف اليها ) والخبر هو ما بعدها وليست هناك قطعا صلة للموصول.....

غربت الشمس وعادت قطعان البقر الى المرحان....وجاء احمد وصاح باعلى صوته "زازه" اين "لفريخه" "امسيكينه ما تعرف اني حامد ملان امبول اعل انكيم ونطهر من عكلت انكاب ما احركت" "زازه" فيرد لمرابط قائلا " احيمد ارباطك" ويسكت فالحزم مسالمة احمد حتى لا يقرأ التاريخ...
فاجأ البقرة بضربة قوية من كفه على مبولها قائلا "احذر جمع.. ينسخ اعبو" هذا هو سلامي على النساء ولو كانت امراة لضحكت واستزادت ويضحك بقهقهات عاليات..ساد الصمت وبدا الانين...واشياء اخرى يتعمدها احمد في غير هذا المقام...ثم وقف وصاح هذه ليست بقرة "هذي عره مري زرزوريه" قال لمرابط ما ذا تقول؟ فاجابه انا انتقض وضوئي 11 مرة واستعملت انواع المكابح حتى مكبح الزاخ ولما لم ينفع استعملت المكبح اليدوي لارد جنينا قليل الحياء كاد يولد تحت البقرة ..
وليمحو آثار هزيمته صاح "زازه...زازه البرزه ما اتنكس""..
واقسم انها "راظع" فقال لمرابط ان ولدها لا يذهب الى المراعي حتى يجد فرصة ليرضعها...لكن احد اصدقاء لمرابط جاء واخبره ان البقرة ترضع نفسها وانه شاهد ذلك بعينه...فضحك احمد ملء شدقيه
 وصاح "كافره مجم زازه...البرزه ما اتنكس ..وشرع يغني :"كالك ول اوفى اتخظي فلجيط ..." وقبل ان يكمل يقول لمرابط "اتف اباسك ارباطك"....
عولجت البقرة بتطويق رقبتها حتى لا تتمكن من ثنيها الى ضرعها....
وفي الليلة الموالية جاءت البقرة الاخرى فارغة الضرع كانه كان به ذات مرة لبن...
فعوقب ولدها بالحجز اياما عن المرعى...لكن الحال لم تتغير....وتلقى المرابط ثانية الاثافي حين اخبره بعض المصلين ان "بقرته ترضع بقرته" ...
واصبح حديث القرية كلها مقتصرا على بقرة "لمرابط" فازعجه ذلك كثيرا وازداد ضجره عندما سمع احد العامة يقول ان لمرابط لو كان صالحا "لحجب لبقرته" ...هو اذن راس مال يهدد وسمعة تهوي وجلال يتلاشى...انها مصيبة نزلت توشك ان تقضي على شرعيته....يا ليته ما ادعى رؤية الجن ولا لقاء الاموات كل هذا الآن تعصف به بقرة ملعونة شوهت سمعته وانزلت عليه دهم البلايا....
وفي المساء جاء من اقصى المدينة رجل يسعى وصاح : ايها الناس..الي ..الي !! ايها الناس..!!! لقد ظلمتم عجولكم  ...اطلقوها ترع وتسرح ...ان ما يرضع بقرنا هي بقرة لمرابط...فعليه ان يخلصنا منها وقد سمعت انها بقرة ملعونة....انها الجفاف الجديد حرمت اطفالنا وشيوخنا ومرضانا من اللبن سبع ليال وثمانية ايام....
هذه  ثالثة الاثافي وصاعقة ثمود ...كيف يتخلص من بقرته المشؤومة ...ثم كيف يكف الناس عن الحديث عنها ...الحل هو سكين الجزار...لا بد من عملية انتقام قاسية يرى فيها دماءها انهارا تملا الوادي ...قرر الشيخ محمد سالم ان يشتريها ويبيعها للجزار "حمودي" على ان يراها ليلا حتى يمضي شراءها فذلك هو الشرع...
ذهبا الى جانب المراح وصاح الشيخ محمد سالم : انا لله وانا اليه راجعون هذه يكره لبنها ويحرم لحمها على اقوى الاقوال وتمتم (دابة جامعها آدمي...تقتل ويحرق لحمها..) ...وكان مخبول من اطفال الحي معه ولدا لمرابط يتعاقبون عليها لتجريب قدراتهم الجنسية....فصاح احمد "ذاك هو اصالحالو زازه..زازه ..البرزه ما اتنكس"



الخميس، 13 أغسطس 2015




 "وقافة"
المرتضى /محمد اشفق

قرأت نص المازني حول السيارة الملعونة لما كنت في الاعدادية , وكان اكبر مايلفت نظري فيه قوله:  كر.. كر.. كر ...أرتنـــي النجوم في الظهر الأحمر....لقرب الألفاظ والمعاني من الحسانية......
لكن وقافتي(هي لاتستحق ان تكون اسم فاعل لانها لم تسر اصلا فكيف تكون سيارة؟) لم تبلغ مستوى سيـارة المازني ,  فتلك تتحرك وتمرض وتشفى , أما هذه فقد لازمتها العلل المتنوعة ، فــــبدت تارة مثالا , وطورا أجوف , وآونة ناقصا , وأحيانا لفيفا بالياء والواو جميعها ...تصلح ان تكون من وسائل توضيح المعلمين في درس انواع الفعل المعتل للخامس ابتدائي.علمـتني أن هناك مايسمـــــــى جنون الرغبة , وأنه مرض معد....رأيتها  ذات مساء، كـان لونها براقا , وصباغتها أصلية ,  وأحسست أن جاذبا خفـــــــــيا يشدني اليها شدا غير مبرر..كانت من الداخل بالية أوقل مايبدو مــــــــــن داخلها: أبوابها، مقاعدها.....ذكرتني بمـــــــــا تبديه العجوز من الزينة , وما تبالغ فيه مـن التبرج إن جاز ذلك في حقها ,  ثم تتابى , وتتمنع حتـــى يظن البريء بها خيرا، يظن بـــها التعفف والطهر , والـــــحق انها تحرص على عدم كشف المستور......لكن مابدا من تلف  داخل صاحبتنا انقلب فجأة الى عناصر اغراء وهكذا  تهت , وتاه معي التائهون في تبرير تمزق المقاعد أنه علامة اصالتهـا.
قلت إن جنون الرغبة المفاجئة مرض معد , فــــقد أصابنا نحن الـثلاثة بسهم واحد : أما محمد/ حامد فكان كلما رأى الوقافــة  في الشارع بادر قائلا هذه سيارتك بادر بتنفيذ شرائها, وأما الهـادي بن المنجي و هو من هو ذكاء ودقة ملاحظة وقد ملك فـــــــــــــي ماضيه أربع سيـارات وقت ما كــنا نحلم أن نملك عربة حمار ... فقد رأها صفقة رابحة..... كانا اذا يشجعاني  وأنـا أجري أمامهما جري عداء فــــــي منحدر، مصغيا الى كلامهما ، أستأنس برايهما وأدفع به ما يجيش فـي خاطري من لوم اللائمين، وأعد منه سلوانا من خسارة يحسهــــــــا حدسي و شاءها القدر...لما عقدت العزم علـــــــــى شرائها شعرت أني أختصر مراحل اختبارها , وادعها تدخل قلبي بلا أوراق ، أتمنـــــــــى أن يكذبني المستشار الـــــــتقنى الذي ذهبنا نستشهده , ألم اقل لكم إنه الجنون ؟ واكتشف أن جهـــــــاز التسخين متعطل،  فـــــــبادرت الى تبديله ب: 9000 أوقية  وبكرم جامح ولــم أدرك أنها الصفعة الاولى , والمنبه علـى أن هذا الذي أولــــــــــه هذا اخره لاينتظر، ثم ظهر أن الجهاز غير تالف , بل التلف فـــي اشياء اخرى لم يهتد خبراء كهربـــــــــــاء السيارات في الاك الى مركز العطب فيها حتى اليوم .
 وصبحتنا في اليوم التالي بعطب فــــــــــــــي كرسي الماكنة واصلحه الميكانيكي ب:3000 اوقية، لكن فـترة الـــشفـــــــاء لم تطل فتعطلت مساء ذلك اليوم نهائيا ويئس منهـا الآسون ...عند الصباح أدخلت بيت الحجزالصحــي وقام فريق كامــــل بتشريحها  عضوا عضوا, فبدا أن أجزاء كثيرة مـــن جسمها مصابة بتلف شد يد، وكتب (الميكانيكي) الوصفـــة وأحضرت الأعضـاء الصحيحة مــــــــن انواكشوط , وشرع الفريق فــــــــي عملية جراحية دامت يوما ونصف يـــوم، حتــــى اذا انتهت وظننا أنا قادرون عليها اتاهــــــا وباء ضعف الـــــشحن , وتم العلاج فـــــي الحال ، وخرجت لفترة نقاهة هيجت فــيها كوامن الــــــــداء ، فأصاب ذراعها اليسرى شلل تام، وجلبت ذراع صحيحة من انواكشوط، , وسارت فــــــي رحلة تجريبية تسببت في شلل ذراعها الـــيمنى ,فاحضرها الميكانيكي وتم العلاج.. وفــــــــي اول ليلة تقضيها خارج العيادة باتت تقيء سائـلا اسود كاد يغرق اعنز الجيران.. وحضر المسعفـــــــون , وجرها فريق بعدد فريق كرة القدم الـــــى العيادة من جديد، وبعد الكشف اتضح انها مصابة بقرحة مضخة الزيت , فاستبد لت في الحال ، فبدا لمصرانها الكبير(انبوب الدخان)ان يدلي دلوه فــــــــــي مستنقع الاسقام، واذا هو يشكو من فتحات متعددة اقتضت ان تعرج علـــــى بيت "اللحام " وسدت الفـــــجوات ، وقال الميكانيكي الــــمشرف مشفــــــــقا علي انها ستخرج قطعا هذه المرة فــــــــي صحة تامة، لعل حجته انهــــــــا استنفــــــدت مايخطر وما لايخطر على البال من اوجاع السيارات...لكن صاحبتنا كانت وقورا  , كتومـــا ، تستحيي ان تبدي حتــــــــــى نعمة العافـــــــــية، فعثرت لماارادوا منها نشاط الشباب ...وتبين انها علل آخذ بعضها برقاب بعض ، وان اعضــاء هذه الــوقافــة متحابة متوادة , كلما مرض منها عضو تداعــــــى لــــــه سائر اعضائها بالعطب والتلف. معضلـــــــــة اخرى جديدة من نوعها جلبتها علـــي هذه الوقافة: كثرة المهنئين ، فـــــمن عادة الاخوان ان يباركوا في هذا النوع من المناسبـــــات , وشراء سيـــارة عادة يستحق التهنئة , فهو دليل تحسن مادي يطمح اليه الناس, ويتمنونه لمن يحبون , لكن الاخوان جزاهم الله خيرا ما كانوا يعلمون ان صاحبتنا ظلت قطينة المرآب من اول يوم.
والغريب اني ظللت انفـــــــــــــــــــــــق عليها بسخاء مجنون , وقد بدا انها لا تشبع , وان العافية لا تعرف الى جسمها سبيلا.
ينضاف الى هذا كله ان ثلث هذه المدة قضيتها فـــــــــــــي بيوت الميكانيكيين , أطأ وحل الزيت المحروق، واغرق في انواء الدخان والاصوات المتشاكسة للمنبهات والماكنات العلـــــــيلة، هذا غير مااستنفـده جهازي النقال من بطاقات تزويد ضاع معظمها في استخبار( الميكانيكي) عن احواله واحوال اسرته واسفــــــــــــــــــــــــاره، مع ما كنت اتملقه به من صنوف خطابات الود والاستعطاف رجاء ان يجود علي بنبوءة عن مستقبل المريضة وتاريخ تماثلها للبرء.
لكنها علــــى كل حال كانت اياما مكنتني من صلة ارحام لرجال وقفنا على صعيد واحد تشرب اطراف  ثيابنا السفلية سيول الزيت المحروق وترسم بها حول العراقيب واسفـــــل الساقين خلاخل سودا تتطلب ازالتها جهدا عضليا متواصلا مع كمية غير قليلة من الصابون و"اوم وجافيل" والماء ، امــــــا الاجزاء الــــــــعلوية فــــــهي على رؤوسنا نتوقى بها الحر, ونتستر بها عن المارة حتى لايرونا فـــــــــي موقف الخزي، نستمـــــــــع الى السير الذاتية لانواع مــن السيارات وبطولات الربح بالتدليس يحكيهـــــــــــــا بعض من بسطاء السائقين، وتقاسمنا معا لفــــــــحات الشمس واتربة عواصف الشـــــــــــوارع , نستريح على رجل لنريح اخرى ، نراقب الميكانيكي منشغلا عنا ننتظر ان يتفــــــــضل علينـــــا بوعد مكذوب لكنه يبقى فـــي صمته  يوزع بالعدل بيننا حصصا من عدم الاكتراث ونظرات اللا مبالاة , كاننا طابور مساكين امام ثري مغرور .                                                                                                      
                                                   

                                                 المرتضى ولد محمد اشفق 2006                    

الخميس، 30 يوليو 2015

إحبـــــــاط...
المرتضى/محمد اشفق



جلس في قاعة الانتظار....تذكر الايام الخوالي .تذكر ساحة الثانوية العر بية وكيف كانوا يقضون دقائق الراحة في صراع دائم مع الحارس محمد سالم الذي كان يقول للتلاميذ ( لماذا تدرسون ولن تصبحوا جميعا رؤساء )وصاحب الحديقة الذي نسي اسمه..وكانوا يسرقون عليه الكاروت والنعناع..  تذكرايام مدينR ومدين G ومدين "بوش" حيث تخرج اكبر ساسة البلد من الجامعات السياسية المختلفة التي تسمى خلايا التكوين العقائدي..
استحضركل شيء....ايام النضال في التنظيمات السرية في الزمن الجميل زمن الايمان والمبادئ والتضحيات...ايام كانوا يصرفون على السياسة من جيوبهم بلوازم شهرية متواضعة يدفعونها عن طيب نفس ... تذكر انواكشوط المدينة الصغيرة النائمة بين احضان الرمال ودفء المحيط الاطلسي...كل شيء هادئ وجميل...
تقلك تاكسي من "كابتال" الى "سيزييم" بعشر اواق....واذا مررت غرب سوق العاصمة قرب حوانيت "اهل بوفلان" رمتك "مريم الرجاله" بكلمات فيها احراج شديد....واذا ارتايت حضور امسية شعرية او محاضرة للمرابط محمد سالم ولد عدود يعلق عليها الشيخ حمدا ولد التاه في دار الشباب القديمة التقيت استاذ الفلسفة "بادو" بسرواله القصير يمص عنفقته خارجا او داخلا في (راسينك اكليب ) ليلعب التنيس مع بعض الفرنساويين...
واذا احببت ان يلتقط لك مونديال فوتو صورة قرب  police des accidents 
لا بد ان تمر على مقر مصلحة البكالوريا  Office du bacلترى رئيس المصلحة G.FROID ببطنه المنتفخ المتحدي ..
تذكر اصدقاء الدراسة..مطرب الفصل..مشاغب القسم..رئيس القسم..فكاهي الفصل..تذكر زملاء السياسة..وكيف كانوا يحلمون بتوحيد الامة وتحرير فلسطين..
بعض هؤلاء اصبح يشغل مناصب سامية في الدولة.... وزراء..ولاة..قضاة..مديرين كبارا..عقداء في الجيش والدرك..
وبعضهم تعثرت لياليه فأوردته اودية الظلام ...انشغل بالتخصص في انواع "ركل" المدرة للبن و"ركل" المهزلة للبدن...وانواع العقاقير المبيدة لقمل العجول والخراف االمجور عليها في الخريف والمختنقة ببرد كانون الاول كل ذلك لا عن دراسة علمية بل رجما بالغيب وابحارا متواصلا في متهات الفراغ والبطالة..
وذات يوم اراد ان يوقظ بعض ذكرياته القديمة ...سولت له نفسه ان يزور واحدا من هؤلاء ليجترا معا "حكايات زمان"..رمقه العقيد بطرف عينه وودعه قبل اكتمال نشيد السلام عند "البيظان..اياك لباس...اشطار كاع...ايو شريتو طار) الذي كان يردد من جانب واحد...ودعه قائلا مر على الكاتبة....
لم يتمالك غضبا وقال "اميسى" تظنني جئتك متسولا؟ ياخسارة ...الآن تفكر ان بزتك العسكرية تخولك نزعة التعالي على البشر؟ حتى اصدقاء المراهقة والشباب؟ اين مبادئك؟ اين قيمك؟ اين ما كنت تتشدق به من مثل وعزم على البساطة والتواضع ان قدر لك يوما ان تفلح في مهمة؟ ..
ذهب الى الوزير "سيداتي" فتذكر الليالي الثلاث التي قضاها في مخفر الشرطة وكيف كان غلمان الشرطة المبتدئون يجربون فيه "الجكوار" واطفاء اعقاب السجائر على اكتافه لينتزعوا منه اعترافا بقيادة "سيداتي" لمظاهرة السوق الشهيرة....تذكر ان "سيداتي" كلف بالوقوف قرب بائعات "امنيجه" ليراه بعض من يعرفونه فيشيرون الى من هم دونه رتبة بمكان الانطلاق....لكنه في ءاخر لحظة تمارض وكرر الدخول الى المرحاض ليوهم انه يعاني من الاسهال....لكنه اسهال سواويط شرطة المفوض(ٍك) الذي كان يتلذذ بتعذيب المعتقلين من التلاميذ والطلبة......
وجده قابعا في جوف كرسي فخم وثير يكاد يبتلعه....بالاجهاد الشديد تلامس قدماه الارض...هو "سيداتي" الصغير بحجمه العملاق بعقله وتعاليقه وطرفه ثم باحلامه ..تذكر كيف اخبرهم ان والدته بعثت اليه رسالة تقترح عليه فيها ان يتزوج باحدى قريباتها وكان وقتها في باريس وكان كثير المقارنة بين رشاقة الفرنسيات واناقتهن وخفتهن وبين الموريتانيات ضحايا السمنة...قال انه اجاب والدته ان عليه اذن الانتظار حتى يتمكن من استجلاب "اكرادير"...واخشاب وبندقية وكلاب بوليسية....وبدأ يشرح لنا فقال: ابنة عمي سمينة جدا فانا احتاج الى "اكرادير" لازاحة الكثبان اللحمية عن طريقي...ثم اخشاب امشي عليها فوق الاخاديد الغائرة...والسلاح للقضاء على ما قد يخرج من تلك الاخاديد من ثعابين وارانب...اما الكلاب البوليسية فانا كما ترون صغير الحجم واخشي ان اضل الطريق واتيه في الانفاق فاحتاجها لتهديني الى بئر الادران.....
...كان يقول في جلسات النقاش انه لا بد من ثورة عارمة لا تبقي ولا تذر تقتلع ازلام المستعمر من حكام وتلقي بهم في مزبلة التاريخ ..وان الطريق الى القدس هو بحرهائج مائج من دم الفدائيين الابطال من ابناء الامة العربية وفي مقدمتهم ابناء شنقيط الخالدة تقضي على اليهود الملاعين حفدة القردة وقتلة الانبياء!!!..
جلس احمد ينتظر ساعات انس تنسيه جفاء "اميسى" وتنكره المخزي للزمالة وايامها الحلوة....
ظل "سيداتي" يهتز في مقعده الدوار كانه جان ....نظر الى ساعته...ضغط على منبه الكاتب الذي بادره بأمر برم بليل قائلا : السيد الوزيرموعدكم مع السفير الاسرائيلي قد حان...فقال "سيداتي" : صحيح وتلك امة عظيمة ومحترمة وتحافظ على دقة المواعيد...ثم التفت الى احمد قائلا:
bon ok à plus tard ...
فاجابه احمد:
OK à plus tard espèce de batard
...واردف :وعند اسرائيل كثير من الجرافات والكلاب البوليسية
..تذكر المناضل الكبير "مولاي"الذي كان من القلائل المكلفين بتوزيع المناشير السرية والكتابة على الجدران....ايام كانت تلك المناشير وتلك الكتابات الليلية على الجدران والصراع الدائم مع العسس من الشرطة ابلغ بيانا واسلم لغة من كثير مما ينشر اليوم في ظل الفوضى الاعلامية المدمرة...
"مولاي" رغم تضحياته واخلاصه  لم يفلح في استجلاب وظيفة....هو خياط  يؤجرجزءا من ظل حانوت في "كابتال"..لكنه واثق من نفسه ...هو هو كما عرفه ايام مدين R باسم المحيا حلو الحديث لم تستطع شهب الليالي ان تنال من جوده وسخائه...تعانق الرجلان...وما احوج احمد الى عناق صديق...وقد شعر بالاحباط ....
قال مولاي معلقا على احاديث احمد : يا صديقي ان في بعضنا عقدة خبيئة هي حب ممارسة التسلط والكبر اذا بسمت لنا الايام وراينا انفسنا فجأة من اهل الامر والنهي والمال والجاه..
ينسينا ذلك فضيلة التواضع والوفاء...الموريتاني يا صديقي الا من حفظ الله"الا كيف السلال ابلا صاحب" فصديق الوزير هو الوزير وانت لست وزيرا وسيداتي وزيرا ليس سيداتي مناضلا حالما واهما في بيوت الظلام....وصديق العقيد هو العقيد فموسى عقيدا ليس موسى رفيقا في تنظيم سري فقير....في بلادنا صديق الوزير هو الوزير وصديق العقيد هو العقيد وصديق المدير هو المدير وصديق الوالي هو الوالي....الخ...لكنهم جميعا ينسون الضغط على (حفظ) وهكذا تنتهي الصداقة بانتهاء الوظيفة...
شربا شايا عذبا واكلا لحما طريا على قارعة الطريق احرارا في الهواء الطلق وقلب نبض الشارع الذي يحكي كل شيء.. نعما باحاديث الحمالين والعامة واصوات ضحكاتهم التي تكاد تزلزل السوق..ثم سعدا وهما يستمعان الى هؤلاء البسطاء احرارا في احاديثهم يتلفظون بالمناطق الداخلية من الجسد واسماء العورة  بعيد ا عن "ابروتوكول" كبار المسؤولين المسجونين بين جدران مكاتبهم ....