الجمعة، 4 مايو 2012

                   
عظمة رجل:

المصطفى ولد اداع(1888-1940)
لم تكن السالكة بنت الحاج العلوية تقدر ان السربة "الصربه" الوافدة على حيها للتفاوض حول مشكلة من المشاكل التي تحدث عادة بين المجموعات القبلية عندما ينزلق احد افرادها الى عمل غير محمود كاغتصاب ارض او الاستحواذ على حيوان...لم تكن المراة العلوية تقدر ان "الصربة" القادمة من الغرب ستنتهي مهمتها باصطحابها الى ديارهم....
المرتضى / محمد اشفق
ما كان احد من القوم يعرف السالكه ...و لا حتى يعلم بوجودها...
وقدموا لحل مشكل عالق...وتفنن المقدوم عليهم في اكرام الضيوف ....تنوع الاكرام وتشعب الى التفاصيل...دهان الرؤوس....المساويك....الخ....و"يشي" احد المرافقين بالسالكه الى ضيفها المكرمين.....لقد استرق السمع اليها وهي تقول لاخوتها : لاتاخذوا عوضا من هؤلاء القوم , انا اتولى قضاءه ان كنتم لابد فاعلين.....لم يكن الاخوة يفكرون في اخذ العوض لكن المراة بادرت مستبقة الاحداث والاحاديث....
وشاية مباحة ,بل حسنة , بل واجبة ....وامروا "الواشي" ان يتحسس على هذه المراة لياتيهم من امرها بخبر يقين....واذاع المخبر السري تقرير مهمته: فهي تسمى السالكة بنت الحاج , علوية من فرع "تميل" اخوالها اهل لحبيب من"اولاد نغماش"...وهي التي كانت تحرص على ارسال مفردات الضيافة الجانبية : الدهان والمساويك , انها اذن جوهرة غالية, وسفاه ان يفرط الرشداء في كنز ثمين , هكذا استقر في ذهن كبير الجماعة : محمد عبد الله ولد الحاج محم , فاصر على الا تفوتهم بل الا يتركوها وراءهم....خطبها الخليفة ولد اداع وكان اصغر القوم سنا ...
وعادوا الى مضاربهم وقد "صلحت غيبتهم"
ولدت السالكة ولدها المصطفى واخته آي....وتوفيت عند زوجها الخليفة .....
تميز المصطفى ولد اداع الذي تخبئ له الايام دورا قبليا كبيرا, بدرجة عالية من الذكاء والتقوى والورع..
تعلم على شيخه الكبير محمد سالم ولد جدو الحجاجي , اتقن علوم القرءان والفقه واللغة العربية ..ولا شك انه استزاد من الشيخ احمدو ولد الحاج احماه الله الحسني , الذي استقدمه واقام عنده مدة طويلة لتدريس نجله محمد عبد الله ولد اداع .
نظم الشيخ خليل وله عدة اراجيز منها مرثيته لولده محمد عبد الله الذي اختطفه الموت سريعا ولما يبلغ ال23 من عمره لكنه حصل في هذا العمر القصير ما يعجز بعض المعمرين عن تحصيله...فقد بدا هو الآخر سلسلة من الانظام الفقهية .....وكان شابا تقيا عليما باحكام الشرع , قال لي الوالد محمد حيب الله ولد اغربط رحمه الله انه حضر دفنه وكان صديقه وحضر معه كل رفاق المتوفى ينتحبون وكان والده المصطفى حاضرا يقويهم ويعزيهم ويغالب عاطفة ابوية جريحة بمصاب جلل ..موت ولد , ولا كالاولاد برورا وفتوة وعلما وحلما وورعا , قال المصطفى  مخاطبا القوم بعد ان سووا على ولده التراب :  دفن اليوم كثير من معرفة احكام الشرع....لم يزد على هذا وهو يثشبث بشعر راسه ويجذبه خشية ان تنفلت من عينيه دمعة فيها اعتراض على قدر الله...
عاصر المصطفى ولد اداع فترة الاستعمارالفرنسي للبلاد , فقد ولد سنة 1888 وتوفي يناير1940 واسندت اليه جماعته امرها التقليدي وهو في بواكير شبابه الذي لم يشا الله ان يتجاوزه الا قليلا  فكان نعم المؤتمن , قارع النصارى الحجة بالحجة , والراي بالراي ...واراهم رجلا صلبا لا يساوم في ثوابته....فجمعوا له بين التقدير والاحترام نظرا لقيمه وخصاله , واستثقلوه لعدم مرونته في ما يساومونه فيه من طاعة عمياء.....
وقع مع العلامة الكبير الشيخ باب ولد الشيخ سيديا وتحت رعاية الحاكم العام في اندر وكل من حاكم الاك وحاكم بتلميت على خريطة ترسيم الحدود بين مجموعتيهما المتجاورتين....
اثنتان وخمسون سنة فقط هي عمر رجل شغل الناس....بهر الكل ببديهته , وذكائه , بقوته في الحق , وبسمته وتقاه فقد اجمع العارفون به انه كان رجلا صالحا , محافظا على طهارته المائية رغم قسوة الاحوال وندرة المياه , كان لا يقوم من مسجده في صلاة الصبح حتى يصلي الضحى...يظل مسبلا على وجهه رداءه لا يكلم احدا , ولا يتحرك , منقطعا لاستغفاره ودعائه ...رحمه الله رحمة واسعة وتقبل منه خير الاعمال..

المرتضى ولد محمد اشفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق