الاثنين، 14 مايو 2012


 من مفردات الزمن الرديء
سياستناالقبلية وجع خلقي: (نشر2002)
المرتضى / محمد اشفق

سيـــــــــاستا القبلية جحور تتكاثر فيها الجرذان , أكلة المصــاحف وكتب التفسير والتــاريخ   وتنتشرفيها حيات الكدى لتلدغ مفاصل ثوابتنا وتنفث فيها سما وحيا.
هل سمعتم بأمة تنصب لنفسها أعواد المشانق, وتنتحر مطيعة راغبة ؟؟؟  قيمنـــا انبطحت , و طموحاتنا هزلت , وأخلاقنا فجرت.
عصرنا رديء, ونحن تائهون نتردى في حفر القزم والتضاؤل... قاماتنا قصرت حين تشامخ الأقزام, وما زال السرطـــــــــــان المستعصي – سياسة الانحراف- يسوس فضلة القيم التي ورثناها ويحولها تمثيليات ركيكة على أعواد منابرنا .
في سياسة الانحراف ندعـي القبلية, والقبلية اليوم وتر مرخى يشده قراصنة الفن الرخيص في مواسم النخاسة السيـــــاسية , أما القبلية مفهوما للإخاء, والتواصل, والتنافس فــــــي التضحية, وتغييب الأنـــــــــــــا , فقد ركلت الأرجل الجشعة ما بقي من شاهد قبرها منذ زمن وأصبحت أغنية الكذابين والأنانيين وأكلة المال الحرام.
فباسمها نتنابز, ونتحاسد, ويبغي بعضنا هلاك بعض... حساباتنا شخصية وتنافسنا لا إلى الفـــــضيلة والنموذجية, بل إلى سيادة ركائزها ملق, وغش, وحقد.
نـــــــــحن اليوم أدعيـــــــــــاء, إلى من ننتمــــــــــي وأقوالنـــــافــــجوروأفـــــــعالنا عهر؟
الم نقطع الاوصال لنتحول الى فحم مجاني يطبخ عليه الآخرون وجباتهم السياسية؟؟؟
ومع ذلك نحِنُّ الى الماضـي كذبا وخداعا, فندعي المثالية, والأفضلية, والفـــوقية في سلم القيم, وتلك ميزات دفنــاها مع من دفــــنا من عمالقة النبل والشرف والتميز, لاننا انفصلنا عن الماضي انفــــــــصال الحياة عن الموت, فالانتماء إلى الماضي انتماء سلوك وفكر وروح, انتماء إلى الثـــــــــــوابت , إلى الجذور التي تغذينا...الصحابة رضوان الله عليهم ينتمون ماديا إلى مـاض منفــــــصلين عنه روحا وسلوكا لأنه ماض جاهلي وثني, وابن نوح ينتمي ماديا إلى نبي من أولــي العزم من الرسل لكنه انفصل عنه روحا وسلوكا, ولم يتضرر الصحابة ولم ينتفع ابن نوح .
اما أبطالنا اليوم فهم المهرة في النفاق والغيبة والنميمة والحسد والبـــذاءة؟ ألانروي قصص هؤلاء بطولات وتطمئن بها قلوبنا؟
رجال هم خلعاء القيم , و طرداء الفــــــــضيلة, أجسامهم جبال, وأفكارهم وأماناتهم حصــــى , ونعدهم بدور الجماعــات, يحضرون كل جمـــــــــاعة إلا جماعة المسجد , يسهرون حتـــــــى الصباح في اللجاجة والخصام وإذا أصاب حياتنا السياسية بعض العافية ناموا عن أوتارهم , يتلفــــــــون الأموال وينهرون الســــائل والمحروم, ونعتبرهم أئمة في الفقه السياسي, تثب لهم الرجـــال وقوفــــــــــا , و تنحنــــــــي لهم القامات, ويتلقف البسطاء أحـــــــــــاديثهم وينامون عليها.
أي ضياع هذا, وأية دعارة سياسية تلك؟
مجتمع بريء نسوقه بعصي السلاطة والامتهان إلى حروب ومعـــــارك لايفهمها ولا تعنيه , نقحمــــــه بشعا راتنا المزيفة فـــــــــي مطاحناتنـــــــا الساقطة , ونقنعه  أنه يستطيع فتح كل الأقفــال بظفــــــــــــــر خنصره, مجتمع مسكين لانتذكره إلا حيـــن نعتصر من عجزته وفقرائه فاتورة أعراسنا السياسية المخزية:  مآتم قيمنا وفضائلنـــــــا.... ما أغرب أن نعتكف فــــــــي المريخ ونمارس الفاحشة نهاررمضان في مساجدنا.
سياستنــــــــا القبلية وجع خلقـــي , تعلمنا مـــنها شيئا واحدا هو أننا بلا ثوابت , وأي شقاء أمرمن أن نكون معاول هدم لثوابتنــــــا؟ مـــاأتعس حياتنــا حين تبنى على علاقات سياسية متغيرة إذا أصبحت لم تعرف هل سيدركهـــــــــــــا المســـاء , وإذا أمست لم تدر هل سيدركها الصباح, ومع ذلك نستميت فيها وننسى كل شيء ونتذكر كل شيء إلا الله وأنفسنا.
لم لانضحك أونبكي- والضحك والبكاء اليوم سيــــــــان- حين يتحول من كنا نزعم أمس أنه ألد خصم, وأنه الأحقر والأغدر  والأكذب والأبعد , إلى ولـــــي حميم, إلى الأعظم والأوفى والأصدق والاقرب؟ لماذا لانشفق على أنفــــــــسنا ونحن ندارفي مواقف ندرك أنها سخف مؤقت؟... من عجائب زماننا طفولة الشيوخ و كهولة الأطفال.
السياسة فــــــــــينا عجوز عاهر, حلاها غيبة ونميمة , لباسهـا سباب وبذاءة , عطرها طمع وأنـانية , والغريب أننا نقع عليها جميعا, بكل خصبنا الاجتماعي , الكبار والصغار, الرجل مع أبيه,  حتـــى المرأة تنزو عليها , وحتـــــــــــى الخصيان يزنون بها ويدعي كل أنه ضاجعهــــــا بكرا, أما الأغنية التي ننشدها في حفلاتنا السيــــــــاسية فواحدة , نفــــــس الكلمات, نفس الألحـــان: المصلحة العامة, العموم, تحييد الأجنبي.....
المناخ السيــــــــــــــــــاســي القبلـــــي متقلب  , خلال كل اثنتي عشرة ساعة تهب العواصف الـــرملية, وتتحرك الأعــاصيرالرعدية, ويموج البحر ويفــــــــــــرق ركاب السفينة , وتبتلع القروش الجائعة بعضهم , ويركب آخرون قوارب نجــــاة مثقوبة, لذلك فـــالخريطة السياسية فـــــــــــيـنــــــــــا لاتكتمل ابدا, ليست هنــــــــاك حدود ثابتة ولا مواقع مستقرة: الرمــال تواصل زحفها... ومجاري المياه تحول اتجاهاتها... والحفر تكثر وتزداد عمقا ولا تمتلئ.
أبوبكروأبـــــولهب وابن أبي ابن سلول, عندنــــــــا ثلاثة أسماء لرجل واحد حسب معطيات الرصد السياسي وتقلبات المناخ الطائفي, بل قد نجد ثلاثة صديقين وثلاثة آباء لهب وثلاثة أبناء أبي ابن سلول في وقت واحد حسب مواقعهم على الـخريطة السياسية وحسب مصادر الأخبار والنعوت.
إلى أين نحن ماضون؟؟

المرتضى بن محمد أشفق 2002


هناك تعليق واحد:

  1. محمد سالم نجم الدين15 مايو 2012 في 1:23 م

    اني احيي روح العبقرية و حنكةالموهبةوجودةالتفكيروسعةالخيال التى يسبربهااستاذناالمرتضي ولدمحمداشفغ اعماق واغوارالطرح التفكيري لابداعاته المتنوعة تنوع ثقافته مبرزا لون بصماته التحليليةبصدق وحرفيةونفس طويل المدى بعيدةعن الاناالنفسي والحظوظى قريبةمن ءالام وءامال القراء، فشكرا سيدي وأستاذي الكريم، فاللإبداع أن تأتي بجديد وقد أتيت به وافلحت.

    ردحذف