الاثنين، 11 يونيو 2012



الرحالة موهوب (2)

المرتضى / محمد اشفق

عاد موهوب الى مضارب القبيلة بعد ايام من المتاع في نجعته تلك ... لم يبق منه سوى اطلال وقار ...وقد اخذت منه الايام ما نالت موسى الحلاقة من لحيته وعارضيه ....شقي بآثار عجلات الزمن تحفر في جبهته وخديه اخاديد هي اول ما يطالع المتطلعين الى وجه موهوب....عاد بزاد ..لكنه عاد ايضا بقلب جريح ...تتجلى آلامه في نوبات شرود تعتريه كلما استرسل في حديثه واخباره الزائفة المشوشة...كان يتفرس وجوه مخاطابيه ليقرا ردات افعالهم...لا شك انهم ينكرون منه ما ينكر هومن نفسه...خصوصا انه اكتشف – والترحال اكبر المعلمين – انه لم يعد بالامكان الاتكال على غباء البسطاء..نظرا للعنة اسمها الديمقراطية ...
اسر موهوب الى أحد خاصته حديثا توجس منه خيفة لولا علامات التقبل التي يبديها صاحبه بهز راسه تارة , وقوله والله اصبت عين الحقيقة يا موهوب تارة اخرى...وتابع موهوب قائلا :....واعلم يا اخا اخيه انه ما اصاب البلاد والعباد شرأقضى على قيم , واخطر على دين , وأهلك لمال وجاه وسمعة من هذه الديمقراطية المشؤومة التي لفها لنا " النصارى " تحت عناوين الحرية والمساواة والعدل والشفافية , وغير ذلك من المقولات التي يلهج بها الناس والدواب اليوم....اليمقراطية - يا شقي بني هالك – بمفهومها الغربي لا تصلح لنا ولا نصلح لها ...لانها تتطلب هدم البنيات الثقافية والاخلاقية والاجتماعية لامتنا...وتعني  التملص من الثوابت .....حتى نرى الرجل منا يرقص في زفاف ابنته , ونرى جداتنا في البنطلون حاسرات عن شيبهن يدخن المارلبورو....وحتى نرى الآباء يعتذرون لاطفالهم ويستعطفونهم لئلا يشكوا سوء معاملتهم الى منظمات حقوق الانسان...ليس هذا فقط , بل لابد ان تشرع الحرية الجنسية عند بلوغ سن الرشد القانونية, والانجاب خارج عقود النكاح , ويحظر حلب الناقة لان الفصيل احق بلبن امه , ويجب ان نحمل الكلبة الحامل الى الطبيب للاطمئنان على صحتها وصحة الجنين ...ولا بد من حلق لحية التيس شهريا , وتقليم اظافر الحمار كل اربعين ليلة..ولا بد من وصد الابواب امام الضيوف من الاقارب لان المطاعم والفنادق منتشرة ولم تقم اصلا الا لهم....وسيتحتم نقل الوالدين اذا عمرا الى دور رعاية المسنين...هذه يا فرار امور تنتظرنا لنصبح ارضا صالحة للديمقراطيات الجديدة...
واعلم ان مفهومهم للمساواة مفهوم رياضي كمي مطلق , والمساواة في ديننا لا تحصل الا بشروط...فلا يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون ,,, ولا يستوي من يخشى الله في كل حال ومن تكون خشيته موسمية او حسب الظروف ...وان اكرمكم عند الله اتقاكم قمة العدل والمساواة لكنها تحدد التمايز والتفاضل بدرجة التقوى وليس بحسب النسب واللون الخ...مساوتانا تعني فتح المجال امام الكل : سارعوا ...سابقوا , دون الحاجة الى هوية مسبقة لكن لا بد ان يسبق بعضنا بعضا ...فكيف يحتكم في مصير الامة الى المساواة العددية ....هل يعقل - يا  شقي بني هالك – ان يكون صوت العلامة ولد عدود مساويا لصوت الجاهل موهوب ؟؟؟ لعن الله صنادق تساوي بين الرجلين ...اليس في القرآن ان اكثر الناس لا يعلمون ...لا يفقهون...لا يشكرون...لا يؤمنون الخ؟؟؟ فالديمقراطية اذن تعني اقصاء الخيرين لانهم قليل ما هم ...ألا يمكن ان يجتمع عصاة الامة وفساقها وجهالها لينتخبوا للامة قائدا منهم ؟؟
ثم اعلم يا - سفيه بني فارغ – ان ما نمارسه اليوم من ديمقراطيات خدعة وكذب ومغالطات .....الست تعلم ان جل من يقترعون من اهل القرى والبادية لايصوتون على برامج انتخابية ...بل ان اكثر النخب لا تقرا البرامج , بل اكاد اجزم ان كثيرا من قادة الاحزاب لا يحفظون برامجها .....نحن يا اخي لا نصوت , هي عملية اغتصاب ودعاية لاشخاص وجهات وذوي نفوذ قبلي او ديني او مالي ..والهدف هو المال اما الابرياء منا فيصدقون ويعترفون انه مبتغاهم ..والبعض الآخر يلمعه , ويغلفه بدعايات زائفة , تارة يقولون وطنية , وطورا مبادئ وتضحية , واحيانا خلاص واخلاص ..ان ما نمارسه عملية زنى سياسي , واستهتار بمشاعر البسطاء الابرياء حين نجلبهم كاغنام "الحوضين" في الشاحنات من اريافهم ليقوموا بعملية يجهلونها بل يخافونها ....والله اني رايت شيوخا وعجائز يدخلون قاعات التصويت يرعتدون فرقا ويتصببون عرقا ووجلا منا ....يقول بعضهم انا "زارك لافلان" ويخرج دون ان يمسك الاوراق..والبعض يمتنع من دخول الساتر ثم يلف اوراقه في كمه ليريها لمرشحه....والبعض يتخلص منها عند اقدامنا ...ومن استطاع ان يحاول ادخال الورقة في الصندوق ترى يده ترتعش وقدميه تكادان لا تحملانه لما يعاني من الهم والغم.....هؤلاء يمكن ان يقاضوا الذين تلاعبوا بمشاعرهم ...لم يكن محالا ان يسقط بعضهم مغشيا عليه من ارتفاع الضغط , او مصابا بنوبة قلبية...  
وهنا قاطعه غبي بني مغلوب قائلا : والحل يا موهوب ؟؟؟؟؟
الحل ان نحتكم الى مرجعيتنا ونعتزبها ...الحل ان نثبت ونزداد يقينا ان سعادة البشرية هي الاسلام ...الاسلام النقي ...على المسلمين ان يعلموا ان الاسلام من عند الله والله ادرى بمصالح عباده من عباده....وان افكار البشر مهما سحرت مؤقتة ومآلها الفشل...ثم هل نكون كاليهود نستبدل الذي هو ادنى بالذي هو خير ...كيف نتحول عما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وبينه , وسار عليه خلفه الراشدون الى بنات فكر زيد او عمرو ....كيف نفهم ان رجال روسيا وفرنسا وآمريكا ومصر والعراق وافغانستان والنيجر...الخ ادركوا بثاقب فكرهم ما خفي على الصديق وعمر....
الحل ان يكون اختيار الامام او الرئيس - سمه ما شئت - مقصورا على اهل الراي من العلماء والحكماء والعدول , يختارونه حسب علمه و دينه ومروءته وعقله وذكائه وحلمه وحكمته...اي بتوفر الصفات المميزة لقائد مصلح يخاف الله رب العالمين....
وينبغي ان يختبر كل من يرشح لشغل وظيفة حكومية او منصب سام , فيخضع لاختبار شفهي في فرض عينه , فيختبر الوزير والمسؤول الكبير في الصلاة واحكامها ويسأل في الطهارة والسهو والغلول ثم عن بعض سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم , واذا كان امراة تضاف اسئلة في احكام الحيض والنفاس...والا فكيف يؤتمن على الامة من سفه نفسه وفرط في مصيره الابدي ؟؟؟, كيف توكل حقوق العباد على من فرط في حق نفسه.؟؟؟...وبهذا نقضي على مهزلة الاحزاب السياسية والانتخابات ...وسيختفي كثير من الكذب والغيبة والتنابز بالالقاب والنيل من اعراض المسلمين واهدار الاموال في غير حق , وسيشجع هذا طلاب الامارة الى تعلم العلم والشريعة .....
والغريب اننا نسمع هذا القول منسوبا الى النبي صلى الله عليه وسلم: اننا لانعطي هذا الامر من ساله (طلبه) معنى ذلك ان من ترشح ينبغي ان نمتنع من التصويت له لانه طلب الامرلنفسه...
ياموهوب انت رجل رجعي ومغفل , كانك قادم من كهف لبثت فيه سنين عددا , كيف تحدثنا عن الشورى وامير المؤمنين عمر , وفرض العين والطهارة كيف نسال وزيرا عن القبلي والبعدي وترتيب قضاء الفوائت ونحن في القرن الواحد والعشرين , في زمن العولمة والانترنت والقنابل الذكية والنيتو , لا ..لا ..هذا لغو وفضول .
ياملعون بني فارغ انت مستلب حقير , ما قلت هو صوت المستعمر المتخفي في ذاتك ولم تستطع بعد التخلص منه , ان نزعة اكبار" النصارى" واتخاذهم مثالا أعلى في كل صغير وكبير من حياتنا هي ماساتنا اهل هذا الربع القصي ....انهم نجحوا في تخذيلنا واقناعنا بالدونية بل بالسخرية من انفسنا ألا تذكر في العقود الماضية كيف كنا نسخر ونزدري كل ما يمت الى اصالتنا بسبب...هل نسيت ذلك المثل الذي ظل سائرا الى وقت قريب يسخر من العربية واهلها ( انت افيسد والل كراي عربيه ) بعض البسطاء الضعاف نفرته الجملة من دراسة العربية , ثم كيف كان يسمى الجيل الاول من الشعبة العربية (يلطف) وفي هذا خطران اولهما اظهارالقوم ضعافا مساكين متخلفين , والثاني ان ثمة من لا يحتاج الى لطف الله...
والاخطر تحريف الدلالة اللغوية الى عكس معناها ....ترك فينا المستعمرمعنى الضعف والغموض والمذلة والبخل في كلمتين عجيبتين : (انت امرابط ...هذي شغلت الطلبه) اليس المرابط هو الفارس الشجاع الواقف على الثغور يحمي كرامة الامة ؟؟ هل نسيت مجد المرابطين الفاتحين ؟؟؟اليس الطلبه هم العلماء الذين يعلمون الناس دينهم ويرشدونهم .....لكن ثقافة المستعمرحولت صبر العالم وحلمه وترفعه وقوته في (ليس الشجاع بالصرعة انما الشجاع من يملك نفسه عند الغضب ) وفي  (ادفع بالتي هي احسن...) حرف هذا الى مقاصد تخدم اغراض اعداء حضارتنا ....بل ما زلنا نسمع (المؤمن مقمل) اليس المسلم مواظبا على النطافة في غسله ووضوئه وثيابه ومكانه فلا تصلح صلاته وهي عماد دينه الا بهذه الاشياء فكيف يكون مقملا....بل نسمع (كحة المومنين ) وهي السل اليس المقصود اظهار المومن مقززا لا يصلح للحياة , غبيا ليس له وعي صحي...
يا موهوب هذا كلام كثير وخارج عن الموضوع وخارج عن الزمان وعن المكان.....
صدقت صب الكاس الثانية انا راحل ....بقي ثلاثة احزاب لم انتم اليها بعد.......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق