الاثنين، 28 أبريل 2014

المرتضى/محمد اشفق

حكايات محمود

كان صباحا جميلا من صباحات الصيف المعتدلة...طلعت الشمس متلفعة بملاءة شفافة من سحب يونيو الاستطلاعية....في الجانب الغربي بقايا قمر دهمه الفجر في مجلس انسه  قبل ان يرحل الى مضجعه في البحر الاخضر...لقد بات والشمس في صحن سماء تلطفه هبات من رياح المحيط.... بين وقت وءاخر تحتجب الشمس وراء السحاب حياء...ولم لا ولما يختف بعد ضجيع البارحة.....
احزن السحاب الزائر سيد سالم كثيرا...فقد كان يخطط لشراء نعاج محمود بثمن بخس تحت وطاة الجفاف...لكن محمود قطع الصمت بروايته حول زيارة الرئيس....
يحكى انه كان للبلاد رئيس حنون ...عطوف على رعيته ....وكان لا يهدا له بال حتى يزورها في ديارها وان شطت وحالت دونها الحوائل العظام... وقته المختار حين يشتد الحر وتنهك الخلائق و يصوح النبت ولا يبقى في شبر هشيم يرعى....حتى قال قائل الناس ان بالرئيس مرضا  اعجز اطباء الروم وحكماء الهند وسحرة افريقيا....وان دواءه هوالسموم والترجل في الهاجرة على رمضاء القرى المنسية في مهامه التيه والضياع....
كان في كل مرة يلقي خطابا طويلا....ويحث على الانترنت والبيض المسلوق....ويحذر من الطلاب العائدين من الجامعات الاجنبية..
قال محمود : كنا ايامها جماعة من الساقطين والفضوليين...لا نحافظ على شرف ولا مروءة...نتحين زيارات الرئيس  لولايات الوطن ....فنندس في تلك الجموع قابلين بمؤخرات السيارات تارة واهانات واذلال السائقين وعجرفتهم تارة اخرى.... بعضنا يختلق انه من المخابرات جاعلا من تنكره في لثامه الاسود بطاقته المهنية ..وبعضنا يوهم انه من الصحافة ايام كان الناس يخافون حتى كتابات المتطفلين المتعثرين من ادعيائها وكنت منهم ابتز صغار الموظفين وبعض العامة.. عندي  مصورة من "مصورات الحجاج" التي يحضرونها من مكة للاطفال...و اهل بعض المناطق يصدقونني بمجرد. سماع صوت تحريك دوائر الالعاب  فيها..... كنا ننجح حسب تخلف المجتمعات المزورة...على كل حال كنا نركب مجانا وناكل الطيبات مجانا لا ندفع الا كرامتنا وكبرياءنا ثمنا لهذه السياحة المباركة فهي اذن ليست باهظة الثمن ...
و ذات يوم بدا الرئيس خطابه امام سكان قرية لا يهتدي اليها المطر الا بعناء شديد وربما اجل زيارتها الى موسم ءاخر....لكن خطاب الرئيس بدا بعد ان صاح منسق الربط حاثا الجماهير على الصمت والهدوء والانضباط.....جلس وجهاء الحي قريبا من الرئيس وقد كوروا رؤوسهم بعمائم سود وتركوا اعلاها عاريا للشمس لكانما على رؤوسهم عجلات العربات الصغيرة ..واوصاهم ممثلوهم في الدولة بالمبالغة في التعبير عن استحسان كلمة الرئيس .. اوصوهم غافلين انه اذا كانت مفردات الرئيس هي حركات يديه وتكشيرا دائما هو ألم ولادة عسيرة لكلمات تظل تتدحرج في تضاريس حنجرته الوعرة حتى يطرحها وكاد يلجمه العرق , فان لاهل البادية حقولهم التعبيرية الخاصة.....صاح احد الاعيان بعد اشارة خفية من عين جليس بعيد وبدا التثمين والتمجيد لكن بلغته الخاصة ..دعا على الرئيس بحرق اعضاء ابيه الداخلية ...ثم ازداد حماسه وعض سبابته وحرك يده بعنف واحدثت اصابعه فرقعة  كالرعد فدعا باحتراق العضو الحميم لأم الرئيس يشفع ذلك كله بعبارة : ما اصدقك... بحسانية اصيلة لم يهذبها حظ من ثقافة .. بهت الوزراء والقادة وكبار رجال الدولة.....اضطربوا...ارتعدوا....فقد حاصرتهم جيوش الضحك ولم تترك منفذا للمسؤولية والالتزام.....فدعوا الله مخلصين له الدين ..ونذروا لئن انجاهم من هذه المحنة والبلوى لا يرافقون الرئيس بعدها ابدا ....نظر بعضهم الى اظافره وقد سمع من بعض عجائز قومه ان النظر اليها يصرف الضحك المباغت في الاوقات الحرجة.....وطلب بعضهم من جليسه ان يغرس اظافره في فخذه نشدانا للالم فما احلى الالم في هذه اللحظات القاسية....

لكن شيخا ءاخر اعلى مقاما من سلفه وابلغ لسانا وألحن بحجته فجأ الرئيس والقوم بما لا يخطر على البال.....صاح وافرغ كنانة بلاغته وفصاحته وجاء بامر عظيم.... فكروقدر ودبر ثم ابدع ....اراد ان ياتي بمعجزة بيانية يثبت بها  صدق الرئيس و بعده عن الكذب فقال: اقسم بسرة امي (ثم نفى ان يكون الرئيس قد اخرج ريحا)....كل ذلك باسلوب التصغير.....تحسس الرئيس مؤخرته لا اراديا وتماسك فشكر الناس على حسن الاستقبال....وقال لبعض خواصه : هؤلاء ليسوا بشرا.....فاشاروا عليه بالتركيز على محو الامية......اقسم محمود انه وحتى اليوم لا يسلم على موظفي قطاع محو الامية لانه يشم فيهم ريح الرئيس.......