الاثنين، 11 أبريل 2016



حبيبتي !!!

المرتضى ولد محمد اشفق

فرغت من مطالعة أبواب فــــــي الفلسفة والفكر الإسلامي ، وعشت مــــــــــع الـمتقدمين احتدام معاركـهم
الكلامية ، ذكرت النص ، قرأته ، فأيقظ فـي عاطفة نائمة وحلما جميلا كنت إخاله تلاشى فـــي رحاب الأبدية ، وابتلعه الزمن مع ما ابتلع من الــــعظماء والأفكار،.....أنا أحلم كثيرا وأحب كثيرا ، لكنني أخفق كثيرا...... عشقتها أيام كنت صغيرا ، أيام كنت أذوب هياما فـــي صوت المفتش إذ يزورنا فـــي خيمة الفصل، ويغني لنابصوته الــــــــعذب الجميل: هذا آخر نومنا،،، هيابنا، هيابنا....لاتلمني فــــــــي هواها ، أحببتــها صغيرا فغيرت مجرى حياتــي ، وخلقتني خلقا آخر، تحديت فـــــــــي حبي لها كــــل شيء ،...كانوا يريدون منـــــي أن أكون عظيما ، وكنت أريد منــــي ماتريد هي ،،، طاردتها، تربصت بها كدت لــها، لكنها كـــــــانت سرابا لايدرك ،، أغرتني، وأطمعتني فـــــــي نفسها ، ولـــــما اقتربت وراقت لــي الــــــخلوة تأبت ، وشردت إلـــى لامكان ، وأدركت وقتها أن الــهجر قد يكون أحلى من الوصال....
 قبل18 سنة، كنت فـــــــــي عز الشباب ، طالبا حديث عهد بنيل البكالوريا ، حلم العصر، ومفـــــــتاح الدنيا الوسيعة آنذاك ، فــــــي المدرسة العليا للــتعليم كنا النخبة الثقافية ، وكانت الرومانسية دنيا تغمرنا مــــن كل اتجاه ،: فـــــــي البحث العلمي، فـــــي النضال السياسي ، ومد التيار الـــــــقومي،..كنا ننتمي الـــى هذه الدنيا الـعجيبة بتركيبتها فلا نحس بتضاد، و لاتنافر بين مكوناتها..... وكــانت أحداث عظام متلاحقة : كامب ديفد وسلام مصر واليهود ، ثورة الخميني، موت السادات ، الانفجرات فــــــي بيروت ، حين كنا تلاميذ فــــــــــي الثانوية الــعربية واجتياح إسرائيل للـــبنان، وحصار قصر بعدبا، وإخراج الفلسطينيين من لبنان ونحن بعد طلبة فـــــي المدارس العليا فـــي رحلتنا الدؤوب مـــــــــع العلم : من الأسابيع الثقافية (ريح من الجنوب في الجزائر) ، إلــــى الأمسيات الشعرية والمطالعات فـي المراكز الثقافية.....وفـــي مساكن (لنس) وفيها سجلنا أحلـــى أوقات الحياة : شهدت الجد و الهزل، النوم والسمروالأحاديث الـــــــمتدفقة بمكنونات الــــــــصدور، ووقتـها ماكنا نظن أن الأقدار ستسوقنا الــــى هذه الأستذة الهزيلة ، لنظل كـــــــــل عام نجتر مالاكته ألسنتنا مـــن درس : الهمزة المتوسطة ، وافعال المقاربة ، والمذاهب الأدبية فــــــــــي القرن العشرين ،، وقداستسلمنا ، وكفر بنا الذين خلقناهم وهديناهم سواء السبيل......

واليوم ، وبين خيوط العناكب القابعة فـــــي مدارج المكتبة العجوز المهجورة والـــــدعابة الرخيصة للعمال اليدويين وأنين الجرس المسكين الــــذي نجلده كــــل حين بين هذه الأشياء التـــــافهة يهزل الحب ، وتنتحر العاطفة وتتعالى عشيقتي في عالم الشهوق بعيدا بعيدا عن أبناء التراب.
         
                                                                من اوراق منسية