الخميس، 25 ديسمبر 2014

من :(اوراق منسية):
المرتضى/محمد اشفق

لم تكترث بالعيد
لم تلبس ثيابا فاخره
والجيد عار من درر
لم تجعل الحنا على قدم
ولم تجلب اليها "صانعه"
لم تعطها عشرا من الالاف كي
تبدو يداها في خطوط منكره
خرجت كما كانت ترى
 في كل يوم مشرق
تمشي تدفق بالانوثة وحدها
انثى توزع سحرها
لم تستعن بوسائل التجميل
هي وحدها دون المساحيق التي تنفي الانوثة والخفر
هي في الشوارع وردة لا كالورود
 وزهرة لا كالزهر
تمشي فيسطع طيبها
ويذيب اوجاع الحجر
نغماتها سحر
كحبات المطر
والصدر طفل شارد
 يرنو الى همس الشجر
يهتز مع وقع الخطى
كتموج البرق الذي يحكي تسابيح المطر
ما كنت احسب انني يوما سالقاها
على جنب الممر
قرب العمود اثني عشر
قرب العمود اثني عشر
غرب الحوانيت التي تؤوي فضوليي البشر
ما كنت احسب ان قلبي
يستجيب بسرعة
وتصيده ليلا على ضوء القمر
انثى
وليس لها سوى وجه بريء او حبال من شعر
وتقول لي :
انت الذي قد كنت اسمع انه
متغطرس صلب كجلمود الصخر
متكبر جلف كإزميل التتر
فسمعت شعرا حالما
حلوا كانفاس السحر
ما كنت احسب انني
- ومدينتي هذي -
ارى يوما على رمضائها
شيئا جميلا فاتنا عذبا كالحان الظفر
وقصيدة مكتوبة من جسم انثى
قد خلت من كل شيء مستعار
تحت اضواء القمر

الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

من (اوراق منسية)
المرتضى /محمد اشفق

أحبك ياقبضة من درر
أحبك يا نفحة من زهر
أحبك ياشبحا من خفر
أحسك بين الغيوم وفوق الشجر
أحسك في وحشة الغاب, في دهمة الليل
أحبك طيفا بصمت السحر
أحبك يا بسمة حلوة, يا شعاعا رقيقا
ويا ظبية أنت تصطاد صلد الحجر
أحبك يا نغمة تضرم النار, تذكي جحيما من الذكريات لظى تستعر
أحبك أنت جموح الخيال, وأنت اختزال الزمان
وأنت انبلاج الصباح الأغر
وأنت انفلات المشاعر من قفص الكبت
أنت الخواطرتخترق الوهم والحاجز المشمخر
وأنت ملاك الجنان ووحي الفكر
أحبك في صبية يركضون وراء الظلال
أحبك في ومضة البرق, في نفحات العبير الزكيه
وفي دندنات الطبول وفي لمعان حلى بدويه
وميس الغصون, وحين يباغتني هاجس قدسي
أحبك في أحجيات السمر
أحبك أغنية من حديث الزهور تهد الجبال, وتسبر غور البحار
وتعبر موج الأثير لتنقر قلب القمر
فأنت نبوغي وملهمتي وحروفي تدوي مجلجلة وملوحة لتغرس قوس الظفر
وأعترف اليوم أني ضحيه
وأني سعيد لأني أحبك
أني ابتلعت سهام القدر
فكم مرة قلت أنساك, أسلوك, جئت لأخرى
لألهو بعيدا عن الذكريات
وكم قد تلاشيت في حوة الشفتين
وكم قد تضاءلت عند جنون حور
أضعت صوابي بين جدائلها العسليه
وفي راحتيها وفي جيدها المهوي
فلم تجدني الفاتنات
ولا الأعين الناعسات
فكنت أجاملهن  وقلبي إليك
وهاأنذا اليوم عدت إليك, سليني لماذا رجوعي إليك؟ لماذا وقوفي عليك؟
لماذا مكوثي لديك؟
سليني لماذا أكون جبانا, سليني لماذا أكون ضعيفا, لماذا أنا لاأقر؟
أنا اليوم بين أناملك الناعمات, أنا الخيط فلتعزفيني الوتر
وبين يديك وجودي, فهل تقبليني وصيفا يرتب بيتك, يحكي الأساطير, يروي العبر
ويحمل باقات ورد إليك, يسوي الشعر
وإلا فنقشا بإحدى الحجر
فإن تفهميني أكن قوة لاتحركها العاديات
وهوج الرياح, أكن قوة لاتخاف الصواعق
ولا العاتي المنهمر
وإن تفهميني أكن كوكبا شاهقا, أكن فارسا, أكن بطلا عبقريا يداعب حبك بين النجوم
أكن شاعرا يحتسي جرع الكوثر العذب من فيك
يستل من قلبه رامسات الصحاري, وتيه السراب, وينسى ليالي السهر
يعيش بحبك فوق البشر

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014


انقلاب...
المرتضى / محمد اشفق

محمد يحيى اربعيني موشك على التقاعد قبل التوظيف.... لم يعد  امامه الا ممارسة السياسة المحلية فهي التي توفر للاقزام قامات طويلة وتتلافى الساقطين من ذوي الحظوظ المتعثرة....الم تجعل من "اعيمر" الذي لا يميز بين باريس وافغانستان موظفا ساميا وممثلا للقبيلة في انظمة مختلفة....لماذا يحرم نفسه بحجة المبادئ التي تفقر الناس وتجعل حياتهم شقاء متواصلا وكدحا لا يفلح؟؟
دعا عشيرته الاقربين ... وحثهم على الظهور وممارسة حقهم السياسي دون الوصاية من احد ...الا ينتمون الى اعلى السلم الطبقي خصوصا ان اخوال ابيهم لا احد يعرف اصولهم؟ فلماذا اذن يرضون بالتهميش والتصفيق لغيرهم ليعلو نجمه وتكثر ذات يده ويكتفون بالفتات يرميه اليهم كخراف اقعدها الهزال عن المراعي.....لا ...لا من الآن (بكسر النون لانه على راي السيوطي) فصاعدا سيخلعون عنهم ربقة الاسترقاق السياسي والتبعية العمياء.....
حتى "لفريخ ملعينين" الذي كان يسرق خبز "الكانتين" ويبول اذا نام على سريره في "الدورتوار"  بثانوية لكوارب وطرد من Seconde A صار من ارقى الموظفين.....اما هو فصحيح انه لم يكمل دراسته نظرا "للمحور" الذي كان يبكيه في الفصل لان طعام CORNE BOEUF لم يوافقه ....لكنه يعرف كل الصيغ الصرفية واوزانها ويعرف عمل الصفة المشبهة باسم الفاعل مثل زينب جميل في عينها الكحل...ويعرف زحافات الطويل....والاستعارة المكنية.....ومن الفرنسية يعرف ان جمع un chacal  هو des chacals  وان جمع un cheval  هو des chevaux ومن الرياضيات يعرف identitees remarquables  les  و كوزينيس A هو في الحقيقة مثقف عال ويستحق التعيين.....نسي انه في العلوم يعرف ايضا ان 
l eau est un liquide qui prend la forme du recipient qui le contient
يعرف هذا من قديم الزمان... لا هو في الحقيقة – فتبارك الله - عالم متعدد الاختصاصات
   اصبح محمد يحيى مصدر قلق لبعض النخب السياسية خصوصا امام زيارة الرئيس وقد توعدهم ان يصيح امامه ان منعوه من مقابلته انهم لا يمثلون الا انفسهم ..هددوه..توعدوه...ثم بدا لهم ان يصالحوه....دعوه الى وليمة ضخمة زعموا له انها على شرفه...ولما عدد اطباق الطعام واشكاله تمنى ان لو اعطوه ما انفقوا فيها نقدا ....وفي نهاية الدعوة وعدوه بوظيفة سامية ستمحو عنه اثر السنوات العجاف ....سنوات البطالة والانتظار....
جلس في بهو العمارة يعد اعمدتها الرخامية...ويتلمس الجص والآجر...كاد يقع وهو يفحص الارضية المغطاة بالمربعات الملساء المتعددة الالوان...نظر الى اعلى فاندهش باصطفاف الثريات واشكالها البديعة وهي تبرق وتنبعث منها الوان زاهية....ولج الى الداخل وجلس على مقعد ضحم  مع بعض الزوار....نظر الى الابواب ومقابضها الفضية ...مرر عليها يديه ....حرك المفاتيح اللاصقة الى اعلى واسفل....ثم عاد الى الجلوس وهو يتفقد حركة الداخلين والخارجين كالباحث عن ضالة بشرية....اعجبته البذلات المدنية وربطات العنق...ثم انقطع الى قطيع السكرتيرات وبدا يعلق على سوقهن وعراقيبهن رغم ما يحملن من وقاحة المسوح وما ينفثن من عطر رخيص : فساقا تلك دقيقتان مثل 11 ... وعرقوبا هذه مثل " les guillemets" "اتف الا افيطمة"  وهي حرمه...غيبت الدهاليز القطيع فاجال بصره وتساءل عن موقع مكتبه ...لا شك انه ذو الباب الغامق ...كان على موعد مع زعيم سياسي محلي ..
استعرض المناصب العليا في الدولة ليختار منها قبل ان تقترح عليه ...وكان بعضها يصرفه عن بعض...لم يستطع ان يجزم بايها اوفر مردودية... فكر في منصب الوالي الذي يمثل رئيس الجمهورية في كل شيء لكن وعي المواطنين اصبح يقض مضاجع الولاة وقد ولى عهد الاستبداد والتغطرس والعنجهية ... لم لا منصب محافظ البنك المركزي ? هو مقبول فبين يديه العملات يقلبها كيف شاء ويستطيع ان يملا الصناديق من الفضة دون ان يعلم احد ... "الله اكصر اعمر امحيميد ماه ليه اتفوت ما يفوت ماه اصل فلمسيد" جهر بذلك فرمقه بعض الجلاس حائرين من حديثه لنفسه..عليه ان يرضى بمدير سونمكس على الاقل سيشرب الشاي كيف ومتى شاء ويبيع للتجار بالصفقات المربحة...اوه نسي مفوض الامن الغذائي والقمح والارز والزيت "افرك" قالها جهرا ايضا فخاف بعض الجلاس وابتعدوا عنه شيئا فشيئا ..وعاد الى خواطره... لماذا لا يحاول لقاء الرئيس ويسلك اقصر الطرق ..يطلب منه كيل في كيل من ارض العاصمة...يبيع منه  حتى يصبح من اثرياء البلد....او عشرة "روموركات" جديدة تعطس فوق الكثبان الرملية محملة ب"افارين" الى المخابز "الله ال اسكي"وهو ثالث تعليق يقوله جهرا تفاعلا مع خواطره....
ارتفعت الجلبة داخل العمارة وعم الهرج وخرجت الافواج تجري تغص بها الممرات ...اطلق ساقيه للريح ...سقط ثلاث مرة بفعل الزحام والارضية الملساء ليرى الجماهير في الشارع تصيح : انقلاب...انقلاب....تذكر ان امه "عقدت له الغفران في الا يدخل "اصنادره" فتمتم " الله لا يرحمه " كان يمكنني ان اكون الآن رئيسا او على الاقل عضوا في اللجنة العسكرية فقالت لي "اقرأ" ازواي ما يعود اصنادره" ..." اعلي بصيام اسن ال اتف بلكراي وازواي ءان كاع اثر زاوي الا ش كالوه اخوال"....


الخميس، 11 ديسمبر 2014

ممثل السلطان في القرية
المرتضى/محمد اشفق

هو عسكري سام من لجنة الامراء آنذاك.....تشرفت القرية البائسة باستقباله  ...فابيضت لياليها ...وبسمت لها الايام بعد عبوس.....هو نور مبارك تعالت اشعته في سماء قاتمة لم تعرف قبله الا الظلام ....هو غيث تدارك  ضعف ظماء الصحاري والضياع...هو هدية السماء لابناء هذه القرية بعد ان طحنتهم لعنة الحظوظ المتعثرة.....هكذا وصفه قادتنا المحليون الذين طمعوا ان تنظر اليهم عين رعاية حاكم البلاد ....وهكذا كافأهم ممثله بوعد صادق ترقبوه ترقب المنهكين غيث السماء ليخرج لهم من بركات الارض.....اذاعوا في العامة قرب حضور الزعيم البطل...ممثل السلطان ..محررالارض ومجدد مجد الوطن....من سيرد الكرامة المهدورة ...ويغني امام السلطان بامجاد القوم ويشرح له كيف كانوا شمسا على  القياد ...وكيف كانوا اقمارا في سماء البطولات والشهامات ...فهو اذن امير المومنين  التي يسمع بها , ويده التي يبطش بها , وعينه التي يبصر بها....كل ذلك ايقظ في العامة شعورا كاد يقتله الياس والسنوات العجاف , ورداءة الزمن الجديد...حمية عصبية تتقد في المغفلين يركبها المكرة الى غاياتهم ...ثم ينسونها ....تفرق دعاة تحضير استقبال الزعيم في مناكب احياء القوم...احضرت الدفوف والمغنيات ....واستحر القتل في الغنم والابل حتى سالت بطحاء الحي دما قربانا لطلعة ممثل السلطان البهية...انتظمت الصفوف تتطلع الى بدر يفري الدجى ضحى ذلك اليوم الذي احتجبت شمسه وراء الغبار وابت عواصفه الا ان تشارك في استقبال كبير قدر المقام.........حضر الشيخ الحربي في بذلته الداكنة.. كنا نترقبه ...وكنا متطلعين الى رؤية هذا المخلوق العجيب النادر من مخلوقات الله... نزل من سيارته ....كان اقرب الى القصر....تقرأ على صفحة وجهه بخط التجاعيد الواضح : انا ابن السبعين....كان جسمه غريبا في بذلته وحذائه الخشن رغم انه حليق لاتميز ذقنه من لسانه....لما رأى الصفوف وسمع المغنيات تصيح ب"اتهيدين" ارتبك وارتعد وكاد يلجمه العرق الذي بلل قميصه وسرواله حتى شرع للبعض ان يقول ان معاليه – لا قدر الله -  قد بال من هول ما رأى ..فلم يستطع ان يرفع بصره عن الارض ... اختلطت خطاه وكادت ساقه تعثر ساقه .. رفع يديه رفعا سريعا كموسوس عند تكبرة الاحرام ....كان لا يصدق ان الزغاريد ونقر الطبول وشيوخا وقرا كأن على رؤوسهم كؤوس الماء , ان كل ذلك اعد لاستقبال حضرته واظهار البهجة بطالعه السعد. ....انتبه بعضهم الى ما يعانيه الرجل من ار تباك ...فقصروا الطريق واختزلت بعض مراسيم الحفل.
 في جانب أخر عضو من الوفد الحكومي ..امرة....في غابة من النساء ....ترتفع جلبتهن حتى تجزم انها الحرب استعرت.......كانت المسكينات تبالغن في الترحاب والتودد الى درجة التملق والنفاق......فقد اقنعهن قادتنا المحليون  ان فرصتهن سنحت لتسطير ما اندرس من مجدهن وسمعة قومهن......فاستكرهن على ان يجدن  بما يؤثرن من امتعتهن : ملاحف ..نمارق....حلى....عطور ..جواهروغير ذلك من مستلزمات غالية ....امتلا صحن الخيمة واصبحت كاحد اسواق العاصمة ايام العيد.....وكانت السيدة تتفضل عليهن بابتسامة شاحبة اعترافا بجميلهن....ثم اقتيدت الى الدار لتستقبلها الماشطات وفنانات الحناء والرسوم على الاكف....
تحلق الناس لسماع خطاب مهم ...فتراصت صفوفهم , وامر آمرهم ان يجلس الكل , وساد الصمت اجلالا لخطبة عظيمة...ثم بدا ان الخطبة  جمل قليلة وجد القائد البطل ممثل امير البلاد صعوبة كبيرة في ترتيب عناصرها ..قال بصوت مهموس يرتعد ويتقطع : الرئيس يسلم الرئيس جدا عليكم وسابلغه سلامكم ان شاء الله بحول الله.. انتهى الخطاب....ومع التصفيق غافلت الحضور والجنود المرافقين للحراسة شابة جسور قليلة الحياء ....شقت الصفوف المتراصة ولم يقدر احد على مسكها اوثنيها عن قصدها ...توقاها القوم بتغطية وجوههم لما رأوا من نزقها وعدم تهيبها.... بدات الفتاة رقصة رائعة فيها تثني الهنديات وتلوي الافاعى ....دارت دوارانا سريعا كالخذروف , فذرت على رؤوس القوم التراب , وفي اعينهم الحصا.. ثم حملت بساطا من الاشربة وصبته على  ظهور بعض الشيوخ في مغازلة مستهترة وتحد سافر لوقارهم...لم تكتف بهذا فقط بل اقتلعت احدى ركائز الخيمة التي يجلس تحتها القائد ورمتها على راسه ثم تلقفت قدح شراب واهرقته في حجره .....وواصلت طريقها تتفنن في رقصتها العجيبة  ..تتثنى في دلال وكبرياء وسرعة غربية....وكان على بعد امتار صبية يصيحون عليها " جنب..جنب...خيمتن فيها النبي"

المرتضى ولد محمد اشفق