الجمعة، 16 مارس 2012

الشيخ عبد الله
الشيخ ابراهيم انياس
الباحث عن الحقيقة (2)
وصل الشيخ عبد الله الى كولخ لا كما كان ياتيها من قبل...وصلها بعد ان ملك عليه كتاب ابن عمه محفوظ بن حامد (مؤلف للشيخ ابراهيم انياس) مجامع قلبه , وسار في وجدانه دنيا من الذهول والاستغراق دفعته دفعا الى رحلته الكولخية تلك....
المرتضى/محمد اشفق
وقف الزائر بين يدي المزور ....شيخ تختلف بشرته عن بشرات ابناء جلدته , وتختلف لغة امه عن لغاهم , وتختلف الاكواخ المتناثرة  في سواد السينغال عن خيام الوبر ترصع الصحراء مترامية  في نظام بديع , سيفتقد صاحبنا حنين النوق , ومغازلة البدر للحصباء , سيفتقد لا شك سرى الصبا سحرا تضمخ الرمل بندى المحيط....لكنه يسترخص كل ذلك واكثر في سبيل وقفة يقفها بين يدي صاحب السحنة السوداء ... ستحلو له لجبة العجم ...سيانس بذلك العالم الذي حفر في الذاكرة الشعبية لبعض ابناء جلدته انه عالم السحر ومص الدماء والوثنية ,...وفي موقف معاكس يعتبر هؤلاء" السلالون" بفطرتهم الاسلامية كل فاتح البشرة وكل قادم من الشمال "حيدره" ...ويستحضرون فيه قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وجهاد الفاتحين الاول , وبدل تعويذات رد السحر و"السل" , يقدمون له الهدايا ويلتمسون منه البركة والدعاء  والبون شاسع بين الموقفين... لاا نسى كيف كان باعة الخرز يحلون في الاحياء ...وكيف كان بعض النساء الراغبات في تجارتهم , خائفات مما يتوهمن من سحرهم و"سلهم" يستقدمنهم ثم يخفين الاطفال وراء ظهورهن اتقاء الشر ويكثر الهمس المسموع بالبسملة وقراءة التعاويذ وتغرق رؤوس الصغار بامواج من ريق التحاصين....مرد كل ذلك الابتعاد عن جوهر الدين الذي لا يميز بين ابيض واسود ....وتحكم الخرافة والاسطورة...
الشيخ ابراهيم انياس سليل اسرة علمية عريقة ....والده الحاج عبد الله علامة عصره , وامام الطريقة التيجانية بمصره, تميز اولاده جميعا بالعلم والذكاء والورع...لكنه ادرك ان ولده ابراهيم طفل نابه وفطن , وان شيئا ما وقر في صدره ...فتابعه وراى كيف يختزل المسافة الزمنية في التحصيل المعرفي...فاولاه اهتماما خاصا ...واستهدفه بالاستثمار العلمي والتربوي....ونبغ الشاب ...وتعدى الحدود التقليدية , واذا الروضة المعطار المعطاء تؤتي اكلها  طلعا نضيدا ودفقا سلسبيلا يستقطب الاباعد من ابناء الجبل والصحراء ...واذا هو يصبح علما من اعلام الطريقة التيجانية وركنا من اركان علماء الاسلام ....جمع المفترق , ووحد المتشظي , ومهد المتحفر , وقوم المعوج...وصار قبلة طلاب التربية , و الظماء الى برد السكينة والاطمئنان , المفتقرين الى مغالبة اضطرابات الحيرة و الشك بهدوء اليقين...
وقف الشيخ عبد الله بين يدي الشيخ ابراهيم بعد رحلة طويلة بين المهامه , حيران قلقا , وقف على الشطآن لكن حرقة قلبه والم اشتياقه استعصيا على بردها ونداها ان يمتصاهما او يرطباهما , ادرك هنا ان وقفة على الشاطئ لاتكفيه لانه ليس سائحا يتمتع بهدير الامواج ونسائم البحار , وليس باحثا عن لون "ابرونزي" يتمدد له تحت اشعة الشمس على رمال الشاطئ...عليه ان يدخل البحر ويغرق ويغوص في الاعماق لان :
زبد البحر تراه رابيا           واللآلي الغر في القعر رسب
 هل يقول هذا مطلبي هذا اكبر , وهل سيقول يوما لا احب الآفلين !!! وبين يدي الشيخ انشد ميميته الرائعة فاتضح ان الفتى العربي هنا ليس غريب اللسان:

بحب الشيخ ابراهيم هيمــــــوا     ففــي الأحشاء منه هوى مليم
وكونوا تحت طاعته وأمــــــوا      صراط الختم احمد واستقيموا
ولا تلفـــــــوا بساحة غيره ما       بساحتــــــــــه هدى لكم قويم
وهيموا فـــــــــــي محبته فإني      أهيم بحبه و بـــــــــــــه أهيم
وفيه وفــــــــــي محبته فلا لا        تلومنــــــي وان شئتم فلوموا
فــــــــــــلي في حبه عهد قديم       وود فـــــــــــي محبته صميم
ومالــــــــــي غير ذكرته أنيس       ولا خــــــــل يروق ولا حميم
وأشكــــو ما أقاسي من هواه         كمـــا يشكو من الداء السقيم
أيـــــــــا برهام عبد الذات إني       الى جدواك مفــــــــــتقر عديم
ومــــــا زاد من التقوى اليكم         قدمت به ولا قلب سلـــــــــيم
قدمت وما قدمت به اليكـــــــم         سوى أنــــي لحضرتكم خديم
وأنى فـــــي فؤادى من هواكم        وساوس لا تنـــــــام ولا تنيم
وأنـــــــــي بين أحشائي وقلبي       جوى من برح ذكراكـــم قديم
وأني بـــــي من البلواء منكم         عذاب لايفــــــــارقني ألــيــم
وأني بي من الأشواق منكـــم        غـــــــرام لا يـــزول ولا يريم
وأني شيق بكــــــــــــــم وأني        بقلبي من محبــــــتكم كلـــوم
ولي نفـــــس يطالعني هواها         كمــا المديان طالعه الغريـــم
فـــــأشكو من خدائعها وأمني         لها أبدا كمـــــا يشكو السليم
فنـــفسي ليس يعلم حين تبلى         حقيقة خبثـــــــها الا العليــم
ولكنـــــــــــــــي أسلمها اليكم         فــتصفــو عند ذاك وتستقيم
فــــــأنت خليفة الختم التجاني         ووارثـــــه وانت له الخديـم
بل انت الختم عيـن الختم انتم         وعينكم هــــي الختم العظيم
أيا ركني ومعتمدى وحصنى           وأمـنـى يوم تجتمع الخصوم
أرجـــــــي صحبة لكم بصدق          تقارنها المعارف والفــهوم
وفــــــــــــيها ما أأمل ثم اني          أروم به لنفــــــسي ما أروم
أأمل توبة وهدى وفـــــــتحا           ومعرفــة تزول بها الغمــوم
وجذبة واصل يفــــني ويفنى         ويفـــنى حيث تنعدم الرسـوم
ومهمــــــــــا بعد جذبته تدلى         يراد بـــه الصراط المستقيــم
فيمحى في الرسول بكم ويبقى       وحيدا لا يزاحمــــــــــه أريــم
ويمحى فى التجاني محو إرث       وغـــوثيــة تــــــدوم وتستقيم
ويمحى فيك يا برهام محــــوا        ينـــــــال به المرام لمــا يروم
فــــــأنت المحو والإثبات منه        وأنت الصبــح والليل البهيـــم
وصاحب فيضة الختم التجاني       بل أنت الختـم والفيض العميم
وها أنذا قدمت هنا وحسبــــي       مــــــــن الأسباب ذلكم القدوم
فخصوني ولا تنسوا صحابــي      فـما كخصوصة الشيخ العموم
على الهادي الكريم صلاتنا ما      عليه وصحبه صلــــــى الكريم
                    

                                   (  يتواصل)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق