الجمعة، 26 فبراير 2016


فضول قلم/نصيحة ابي اللقم

المرتضى /محمد اشفق
حدثني ابو نعال قال : خرجت يوما لزيارة احد الاخوان , فاذا انا برجل قصير القامة , مفـــــــتول الساعدين , متباعد الرجلين , اصلع الراس , كث اللحية , فيها رزم شيب متفرقة  , واسع الفم , قصير الرقبة كأن راسه وضع على صدره , ولما هممت بجوازه امسك ساعدي بعنف وقال الـــى اين؟ قلت الى حيث تسوقني قدماي , ولم احدد الهدف بعد...فقال : انا ابو اللقم وكنت إخالك منهم , قلت ومــــــن هم ؟ قال العشاق   وضحك ملء فيه , حتى سال منه لعاب كثير حاول ازدراده بزاوية ملتقى شفـــتيه , فلم يفلح , واحدث صوتا منكــــــــــــــــرا , واردف : عشاق المائدة...قلت : هبني منهم , قال : اذن انصحك....اعلم حفظك الله , ورعاك , ان الناس في الدعوات الجفـــــــــلى ,
اشكال وطبقات ...وان لكل صنف من الناس ما يناسبه من الطعام والخدمات , فــــاذا قدر لك ان تحضر تلك الموائد , فتريث , ودقق قبل ان تقدم , وأجل الطرف في كل ناحية , حتى تتحقق من المجموعات , ثم اختر واحدة من ثلاث في ايها كنت فزت ...
واحذر اربعا ....احذر الحلقة السفلى , وهي عادة من العاطلين المحليين , الذين لا يوقر صغيرهم كبيرهم , ولا يرحم كبيرهم صغيرهم , جل احاديثهم قهقهات عالية , تقطعها الفاظ نابية , هذه هي حلقة الانتظار, نصيبها الفضل , وهو عظام جردت من لبا سها الا ما تخفى , وعجزت الاظافر عن الوصول اليه , هذا اذا لم يختطفه بعض شياطين الاطفال المتربصين بها من كل جانب , وهم فرسان هذه الميادين , هذه الفــــئة لاتحلم بفراش طعام , ولا مغسل , ولا تشم رائحة التمر , ولا تسمع صرير الكؤوس ,  وتشرب من مـــــــــاء المغارج بعد قنوط...تليها الحلقة المتضخمة , ويكون فيها واحد او اثنان من بسطاء الاعيان , الذين لم يبرحوا الحي , جلب عليهم سمت الاستكانة , وتقبل ما تجود به الظروف , والرضا بالدون ,  استخفاف الناس , اذا سلمت عليهم رد كبيرهم قائلا (وعليكم بالسلام ) , اكثر احاديثهم رواية كرامات الاسلاف , وحكايات ابطال المصارعة في قديم الزمان , و الاطفال وحدهم المستهلكون  لهذا النوع من القصص , تعاني من الازدحام واندساس الصغار فيها  لهوان قدرها  , وهي لا ءايسة ولا ءاملة , لكنها بائسة , قد تجد قصعة طائشة , اكثر ما فيها مصارين وقطعة كبيرة من الشحم , وقطعة لحم مجهولة العضو , يغمزها احدهم بظفره , فتنزلق كالكرة , بعيدا لتغافل جليسا ءاخر , فتستقر في حجره , يتناترها الرجال , لكنها تبقى عصية متمنعة , وقد يسقط  المتناترون كل على قفاه لرفضها الاستجابة لضغط الاصابع... هذه الحلقة لا تجد فراش طعام , ولا موسى , ولا تغسل , وتمرها حشف متقعر كثير العثاء...الحلقة الموالية هي الحلقة المنكتة , تعمد الى الفكاهة , تعوض بها طول الانتظار , عيونها شاخصة الى غرفة العمليات وتحضير الطعام ,  تتحدث تارة عن التاريخ , كايام ولد امسيكه , وتحصي من ولد من اهل الحي عام موته ...وتروي تافه الاخبار , وتتميز بالجراءة على الطلب , لم تطل رحلة اصحابها مع القرءان الكريم حيث توقف ابعدهم مدى عند (عبس وتولى..) يقولون في الرفع من الركوع (سمع الله لمن حمدن) , تخلفوا عن ركب الدراسة , ويدعون انهم حسنا فعلوا , وربما حنا عليها بعض المنظمين , وتجد فراش طعام تكرر استهلاكه , رغم انه  من الصنف الذي لا يستهلك الا مرة واحدة ,  وتغسل قبل الاكل لابعده , وبلا صابون , ونصيبها من اللحم , من الشاة الرابعة هبوطا , وهو في الغالب "حصير من الاضلع الرديئة" متفاوتة الحجم , مع بعض المصارين , ويحشر لها كل محرم على المصابين بارتفاع ضغط الدم وامراض القلب والمعدة , فتتقبله راضية شاكرة , وتشرع معركة امضى سلاح فيها الصمت حتى ياتوا على ءاخره  ....تليها الحلقة المتوسطة , ولاصحابها  حظ  يسير من الثاقفة يسمح لبعضهم ان يحدثك عن زرك "وي ونون" "وول حرم وول يحيى انجاي " ,  بل تتجاوز هذه المرحلة الى التلفظ بالفاظ  فرنسية , سبيلا الى التفوق على البلديين , انصاف الاميين , يقولون من حين لاخر  " جنوم كسكي تبرانه.... إيسي سيل تبلى....ايمبسيل...ركاردى اموا سبوفر"                                                                        
jeune homme qu'est ce qui te prend..ici s'il te plait..imbessile...regardez-moi ce pauvre....
, هذه الحلقة تقدم لها بعض الخدمات  بعد لج , وتختار لها الاعضاء الصلبة , مثل " الكسروات و"اشواكل" وكل ما يستعصي على اصابع واضراس اهل الحظوة – جعلني الله واياك منهم - , و موساها موسى خبز , لا موسى لحم , ويقدم لها تمرصلب بلا جبن , وتشرب البراد الاخير من شاي بلا نعناع , رغبة من الخدام في تفريغ " البراديد" لا اكراما لها  , ويغسل افرادها بعد الاكل متفرقين كل بمجهوده الخاص ....

هناك تعليقان (2):