السبت، 7 يونيو 2014

المرتضى/محمد اشفق
بسم الله الرحمن الرحيم
حكايات محلية
  
...يعرف ءاباء عجول الشيخ التيجاني ولد الندى.... اذا زارك بادر الى جذبك قائلا احذر فالسقف يوشك ان يخرلان الحائط مائل والزاوية منفرجة اكثر من اللزوم... يحدثك عن مناخ مدينة الشيخ ابراهيم انياس وقد يصوب  العائدين في وصف المسجد ويقول : انا من اهل مدينة  لانه زارها عام 1957 وهو رضيع في حجر امه..... اذا دقق النظر اليك  فاحذر سيقول انك احول او في خدك ضمور....  تاجر فاشل يبيع باقل مما دفع شفقة على الزبناء و مراعاة للشرف العام ...منظر حالم  يحسب على الاحتمالات المحيرة لاهل الرياضيات: ينصح صديقه البليد في عالم التدبير بشراء عجلة مريضة اواخر ابريل ب2000 اوقية لينفق عليها حتى شهر اغشت ثم تتحول الى حقة بفضل الخريف وفي الخريف الموالي ستصبح جذعة ثم تلد في "تفسك" ويكون ثمنها 200000 اوقية......
هو صديق..كريم... لبيب.....حازم .. دقيق الملاحظة سريع البديهة.... وكنا نغبطه لكثرة اصدقائه وتنوع علاقاته.....فحسن اخلاقه جلب اليه معارف جمة......... اما العامل الاقوى فهو سخاؤه ... يفتتح متجرا ثم يتحول بعد اسبوع واحد الى ملتقى لاصدقائه وهم ثلاثة اصناف : اصدقاء في العمر واصدقاء في العقل (الشيوخ) واصدقاء في السياسة.... ويبدا المتجر في الانهيار كدالة متناقصة بعد ان يضحي مركزا لتناول المشوي والشاي....
تعهد صديقي الهادي/المنجى "الماليين" المارين من الاك يحملون البضاعات الرخيصة.....وكان يشتري منهم سرا وكلما زرناه ارانا مفتخرا بعض الاثاث: ثلاجات....طباخات.....ادوات كهرباء....اسرة... يقول انها احدث ما اخرجته دور الصناعة في باريس  وان ما  يستفيده منهم هو (service) خاص له نظرا لحبهم اياه.. وثق بهم ووثقوا به بل اصبحوا من اخص خواص اصدائقه........فباعوه اجهزة زعموا انها نادرة وانها ليست من النفايات...و بثمن باهظ خلاف المعتاد.....واهدوه "بيدو" (حقيبة من النعال النسائية الراقية )....وتعجل صديقنا عن تجريبها وكيف يجربها وقد باعوه من قبل اجهزة لم يكتشف فيها خللا...ثم هم كما يقول "بمبار" ويمتازون بالنبل والشرف والامانة وحسبهم انهم محل ثقة الاوروبيين.......وما اقامة الشيخ سيد المختار الكنتي في تلك الارض الا دليل على نبل اهلها وورعهم....وقد بالغ مرة حتى كدنا ننتظر قدومهم اسبوعين لنلتمس منهم صالح الدعاء....استغللنا فترة نشوته وشعوره بلذة الربح من صفقة الماليين فاطلنا المكث معه فعبثت يداه بدراهمه وتدفقت الينا الاشربة المتنوعة وتراكم المشوي حتى سئمنا رائحته.. رحل الماليون الى ديارهم وحالت دونهم كتائب "بلعور" ومقاتلو ازواد....والطوارق ..ليكتشف الهادي ان الاجهزة لا تعمل....وانها قديمة منتهية الصلاحية  ...ولما فتح حقيبة النعل وجدها جميعا نعالا للقدم اليسرى ...... وما زلنا نعزيه – غير ءاسفين ولا حزناء- وهو يعطس ويزعم انه مزكوم وهو في الحقيقة مصدوم حتى شاع خبر لحم محمد /حامد ....
محمد رجل ذكي لحد الدهاء ....طريف ..نبه لا يفوته دبيب النملة في الليلة الظلماء بين اخاديد "اجينت".... حذره يشبه الجبن...خزان للاخبار النادرة  قد يسر اليك ان سبب الحرب بين القبيلتين "الفولانيتين" هو صراع على حمار وحيد الخصية مع ان دعواهما فيه باطلة ....خبير بالاقوال الشاذة في فقه النوازل ....احتار ثم اختار....كان لحما جيدا لا يشتكى منه شحم ولا هزال....اشترى خمسة كيلوات حمراء خالصة لا عظم فيها ولا مصران.....حولها الى سيور رقيقة سريعة الجفاف خصوصا في العشر الاواخر من ايار.....اطمان زميلنا محمد انه اعد نصرا محققا على شهر ونصف من صيف "لمدن" ....فالحواضر تعاني في تلك الفترة من شح في مادة اللحوم...
كان يحدثني - وقد غطت سيور اللحم الرقيقة حبالا اشتراها لذلك الغرض - عن جودة اختياره فلم يبق لحم على وضم الا وقف عليه فتارة تصرفه الشحوم الزائدة و طورا الصفرة الغالبة على بعضها حتى ساقه حظه السعيد الى لحم عجل سمين لين تحت الاضراس سلس في البلاعيم...وما زال يسخو على اختياره ويتفنن في الثناء عليه حتى احسست بملوحة ريقي وكدت اتذوق طعم القديد في فمي....فزاد قائلا ان تجفيفه اياه في الظل امر موصى به وواق من التسمم كما قال له احد اقاربه الاطباء...وان اختيار لحم البقر جامع بين الجودة والاقتصاد في حال جفافه لان الاطباء يحذرون من اكله قبل الطبخ تجنبا للطفيليات لذلك فهو ءامن من اضراس العائلة....دروس في الطب والاقتصاد والذوق الرفيع والمسؤولية امام الواجبات هي اكثر حديث صديقي في تلك الليلة المشهودة... اقنعني بالغاء سمرنا عند اهل احمد بابو نظرا للحر كما يزعم والحق انه يريد ان نبقى قريبين من اللحم ولما اظلم الليل استلقينا تحت العريش تتحرك فوقنا السيور في رقصة هادئة على موجات الرياح الغربية المبشرة بالامطار...وكان زميلي غارقا في جو من البهجة والشعور بلذة الانجاز دفعاه الى شراء كمية من لبن الابل نشربها بعد العشاء....
ثم هجم علينا النوم بكامل عدته فلم نستيقظ الا والداعي الى صلاة الفجر يقول : الصلاة خير من النوم....
كان في جانب ءاخر من الحي عصابة تراقبنا وتتحسس حركاتنا وتتسمع همسنا حتى اذا استسلمت الاجسام منا للموت الاصغر نفذ الكوماندوس عملية لم تبق ولم تذر.....مسكين محمد لم يكن يدري ما يخبئه الليل في تجاويفه من طوالع النحس وفوادح الشرور.... واذا في ساقه جرح دام من ءاثار معركة القطط  هو كل ما بقي له من جهد امس.....لقد اراد شيئا واراد ت قطط "حي مدين" شيئا اخر.....ومع ان عمل تلك القطط عدواني ومدان ....ومؤازرة صديقنا في تلك المحنة القاسية امر مطلوب الا اننا سعدنا كثيرا بتلك الرزية الممتعة...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق