الاثنين، 13 مايو 2013



المرتضى / محمد اشفق
الديمقراطية المحنة 2

هاذم اللذات، مفــــرق الأحبة... لو سألت مشرد الأزقة، أو حتى غراب المزبلة عن المقصود لأجابا: الموت... كان هذا أيــــــام كان الموت وحده مفرق الأحبة وهاذم اللذات، الموت ظاهرة حتمية وقضاء ماض دون تعثر هو الغول الــــذي يهـــــدد هدوء الـحياة وطيبها، لكنه كان ظاهرة مألوفة تصد أثار جحافـــله مهما بطشت وفتكت بسلاح أمضى وقوة أعظم هي الإيمان... ثم  نزل أهل بيت لئيم (الفكر الهزيل ورداءة الزمن) والقيا عصا التسيار في هذه الأرض وطاب لهما فيها القرار... وجاءت المشؤومة وسبق الجسم العقل إليها وخطب فيــــــــها البلغاء وحاز باقل جائزة الـــــخطيب، وخطبها كل فحل وكل خصي، وإذا العجوز الشمطاء برزة  بضة فـــي أعين العور، فانتفخت أجسام  رغم النحول، وألف الأميون المجلدات فـــــي شتــــــى صنوف المعرفة، وملأت لحى النساء ما بين مناكبهن.. وتدفــــــق الــــــحليب مدرارا ومغزارا من أثداء الرجال المتدلية كأورام سرطانية، وهم يتمايلون يجرون أعجازا كحناطير الاسكندرية، والطوابير كيلومترية فـــللشاب مصة وللشيخ مصتان، فرأينا الأقزام يتطاولون إلى تلابيب القمر، ورأينا ذوي الأظافر القرعاء يحفــــــــــرون فــــــي الصخر ليؤذوه، ورأينا أصحاب الأرجل القصيرة يتـسلقون القمم... وامتلأت السوح بشيوخ بني المصطلق يبكون الناس بمواعظهم  وعجائز بني قريظة يحرضن القوم على الوفـــاء والنقاء وسلك الصراط المستقيم... ونجحت الدعية فـــــي إغـــوائنا فـــعبدناها.. شهدنا بنبوة مسيلمة وصلينا وراءه... استمعنا من أبي لهب لدرس الفقه والقرءان... وتحلقنا حول سجاح تشرح الموطأ والأربعين... انتفـــخت بطوننا كالصهــــاريج ولم نشبع، وامتلأت الجيوب بالــــمال الساري فـــــي دهمة ليل بشع من الـخزي والعار، وظللنا مساكين نستجدي بائعات القرنفل والنعناع...  وإذا نحن كرمال الصحراء نرحل يمينـــــا وشمالا، وتمتد ألـــسنتنــــــــا صوب المشرق لتلحس الفــــــتات القادم مـن الشرق، وتنساب أذرعا نحو الــــمغرب لتلعق الصديد الـــمتدفق من الغرب... ما أرحم الموت يدفــــــــــــن ضحاياه رغم الجراح النازفة إلـى حين... أما أموات الدعية فجيف تملا الشوارع والقصور وحتــــــــــى أكواخ القش وبيوت الـوبر، ويظل النتن ورائحة الدود المزدحم والصراخ المتواصل من ألم المتعة وعويل الأعراس المقرفة أغنية الأفاكين.

الضائع اليوم من فكر فــــــــي رحلة البحث عن الذات، أمس رحلنا تجارا ومتعلمين إلـــى ما وراء البحار لنحميها واليوم عدنا تجـــــارا وعلماء لنبيعها بثمن بخس.. دراهم ملفوفــة...عدنا ووجوهنا حديد أكله الصدأ وحياؤنا آوى إلى وكر لبد..

عدنا لنفتح  أسواق الــــــنخـــــاسة الــــسياسية.. ونــــبيع حشــــفا وسوء كيلة... والقوم يلحنون ويربحون... وعلـــــى كل وضم تتناثر مزع قصيدة جاهلية عافتها الكلاب الضمر.. المحظوظ منا من قبل بعد امتحان عسير عضوا وضيعا في جوقة الزعيم... مطبلا أو مزمرا.. أو متسولا سياسيا أو لاعق ملاعق... أو عجلا سمينا في القطيع المعد للذبح.... قدر علينا أن نظل فــــي رحلة الــــــتيه والضياع نطارد أطماعا عراضا فــــــي سنوات عجاف... قدر أن نرى بقرات عجافا وأخرى أعجفها الـشحم، وسنبلات يابسات وأخرى أيبستها الخضرة.. ويموت العزيز وتأتي العير فإذا الخازن يؤسف، لا يوسف...  

( حذفت المشاركة خطأ ولما اعيد نشرها سقطت التعليقات : فالمعذرة)

هناك تعليق واحد: