الخميس، 31 مارس 2016


على هامش (رحيل صديقي بلَّي...)
المرتضى /محمد اشفق

نسيت  ذكر اخديج بنت لوداع...واحمد ولد محمدن الذي اصبح يدعى أبن ولد هلال...و من بنات الفصل : ينصرها بنت محمد محمود ..امريش بنت عبد الحي...فطمة الزهراء بنت محمد خالد ...فطمة بنت محمد محمود التي اصبحت تدعى هي الاخرى بنت عبد الوهاب...والقسم كما اسلفت 52 طالبا ليس المقام عد اسمائهم جميعا...فلكل واحد منهم مساحة ذكرى لا تندرس...
في السنة الثانية حيبنا ولد حيبلا او (حبيبُنا بن حبيبِ الله كما يدعوه جمال ولد الحسن رحمه الله)  ومحمد محمود ولد حامد ..محمد عبد الله ولد عمارو وصديق حيبنا وصديقنا سيد احمد ولد احمد سالم الذي اصبح ايضا يدعى ولد امير...لا تقولوا اني اكثرت الحديث عن الاسماء المتغيرة!!!واذكر ان في قسمهم شيخا واحدا هو عبد الرحمن ولد خليفة وطالبة واحدة هي النجاح...
في القسم الثالث باته بنت البراء ومريم بنت المنير ومحمد المختار ولد سيدين والامجد ...
كنت رغم حداثة سني اقرأ في عيني باته بنت البراء حين يجمعنا المدخل او نزدحم على السلالم اصرارا على مواصلة السير وان دربها لن يتوقف حيث قدر لدروبنا ان تتوقف.. كان هدفها اكبر من اهدافنا ونحن نعد السنوات الخصيبة التي تفصلنا عن لقب الاستاذ في السنوات العجاف من الزمن الرديئ ..وقد ادركنا بعد فوات الاوان ان تلك الوظيفة اختطفت منا احلام طفولتنا وبراءتنا وطموحنا المحلق الى عوالم انقى واجمل من درس: "وجوب تقديم الفاعل على المفعول به اذا خيف اللبس" كما علمنا الاستاذ سيد احمد ولد الدي ذات مرة في صباح جميل.... .
في مكتب المختار ولد حامدن والندى رحمهما الله كنت التقي يحيى ولد البراء وكنت اسمعه يتحدث مع ولد حامدن عن اثر الفية بن مالك في الشعر الموريتاني لعله كان يعد رسالة في هذا الموضوع هذا ما خيل الي لاني كنت استرق السمع غير مكترث بتفاصيل الحديث...

قررنا (بلي وانا) في تلك الفترة ان نقضي بعض ساعات الفراغ مع طلبة المعهد العالي ..دخلنا يوما على محمد يحيى /الشيح الحسين رحمه الله وهو يجيب على سؤال حول حكم نقل الدم الى المريض...ثم عن حكم الانتفاع بجلد الجيفة...كان يجلس فوق المكتب ركبته اليمنى على اليسرى وفي يده سبحته السوداء يحرر حباتها بانتظام وهو يتدفق علما دون توقف....من الحكايات الطريفة معه انه لما اخبر ان الطلبة يقومون باختبارات تسند لها نقاط من عشرين... كانت اولى العلامات التي يسجلها على اوراق الطلبة نقاطا بالمعنى القريب للكلمة فبدل الرمز 14/20 كان ينقط اربع عشرة نقطة هكذا: .......الخ
وكان وهو يراقب الامتحانات يسأله الطلبة عن الاجوبة فيمليها عليهم لانه يخشى الوعيد لكاتم العلم..
من طرف الناجي ولد محمود رحمه الله انه كان يسأل الطلبة عن قبائلهم وعندما ينتسب البعض الى قبائل معينة يقول وهو في الفصل واثناء الحصة وبصوت عال : "وخيرت أولئك بنو عمومتنا"...


كان درس النحو مع الاستاذ سيد احمد ولد الدي...حقيبته بنية ورداؤه في الغالب رمادي ..كان هادئا ورزينا ..اختباره الاول هو دراسة نحوية وصرفية لهذه الابيات:
قال بشار:
عجبت فطمة من نعتي لها       ايجيد النعت مكفــوف البصر
بنت عشــر وثلاث قسمت        بيــــــــن غصن وكثيب وقمر
درة بحــــــــــرية مكنونة        مازها التــاجر من بين الدرر
اذرت الدمع وقالت ويلتي        من ولوع الكف ركاب الخطر
أمتا بدد هذا لعبــــــــــــي        ووشاحي حله حتــــــى انتثر
بابـــي والله مـــا احسنــه         دمع عيــن يغسل الكحل قطر

كان بلي رحمه الله يتعجب من جمال الوصف خصوصا وان الشاعر اعمى ويعلق على اختيار ولد الدي لهذه الغزلية الرائعة....

لما درسنا جمال ولد الحسن الادب الموريتاني  .. كنت اقضي وقتا كبيرا في عد شعر شاربه الذي كان قليلا لحداثة سنه (كان يكبرني قليلا) واقارن بينه وشعر شاربي الذي ارهقته بالحلق صباحا ومساء لينبت لكن تربته  في تلك الايام ظلت من الاجاديب ....
وكان بلي يقول : هنا بعض الزملاء وبعض الاساتذة شعر لحاهم وشواربهم شعر الولادة (ازغب لخلاكه)..
جمال مولع بالشيخ سيد محمد ولد الشيخ سيديا عندما املى علينا قصيدته :
ياسيدي اني فداك الله بي         جار الحمى ما عنه لي من مذهب
قرأ فدى مصدرا ثم نصب (الله) حتى تكون اللازمة حرفين متحدين في الحركات(ِهَبي) فاعترض البعض ورأى ان فداك فعل والله فاعل ، وسال للتعجيز عن اعراب الله(المنصوبة)  فقال جمال انها مفعول به لفعل محذوف تقديره (أسأل) بعد فداك ....
ولما سألنا الشيخ عبد الله ولد باباه وكان ينقل ديوان ولد الشيخ سيديا في دار الثقافة قال لنا انها (الله) بالرفع لانها فاعل فعل فدى وما لا تاويل فيه اولى مما فيه تاويل...لكننا اقتنعنا اخيرا ان قراءة جمال هي التي ترضي الخليل وسيبويه كليهما...
كنت وصديقي "بلي" حريصين على حضور نقاش الرسائل وما يحتدم فيها من معارك علمية وسياسية وقبلية...
مثل رسالة محمد المختار ولد السعد حول "شرببه" وما اثارته من ءارء وخلافات ثم حركة الباء الاولى هل هي مضمومة ام مفتوحة الخ....ورسالة ولد حي حول " الثورة الناصرية في الشعر الموريتاني" واثارت جدلا كبيرا بين الناصريين والاخوان الذين لا يعتبرونها ثورة قبل ان ينحاز محمود المسفار الى صاحب الرسالة ويقررانها ثورة بمقاييس الثورة الصحيحة...
ورسالة النعمه ولد عبد الله حول شخصية "الشيخ ابراهيم انياس"...

اما "بلي" فيبقى محايدا في قاعة النقاش غايته ان يستمتع بتنافر الآراء وعصبية البعض وارتباك الطلبة اثناء العروض...
تبدأ ابتسامة جمال  صامتة وقد ينهيها عند الصمت وقد يضحك ويهتز بعفوية جميلة وهو المبحر دوما في عوالم المعرفة دون حواجز او تخصص...كان ظاهرة عجبية رحمه الله.. دخل علينا مرة وقال : الاسرائيليون على بعد امتار من قصر "بعدبا" ...كان ذلك في يونيو 1982.. ومرة قال : اريحونا انا صوم والصوم جنة...
قدم امامنا عرضا  حول صيغة المبالغة في الحسانية وخلص الى ان الغالب فيها هو وزن فعال وبدا يسرد الامثلة بسرعة يشير بيديه ويهز رأسه قائلا : كتاب...كراي...حلاب...وزان...بطاط...وكال..فقال احد الطلبة "حراك"(من الحريق) فقال جمال ببديهة غريبة "دصار" مشيرا اليه بيده... تزين ذلك كله ابتاسمة جميلة وشرود عبقرية لا تسعها تحتية عالمنا الترابي الصغير ...
قال احد الطلبة في بحثه رُغم (بضم الراء) فقال جمال انا لا اعرف رُغم الا في اذاعة موريتانيا عند احد الصحفيين.. فرد احد الزملاء الملاحظة عليه ودافع عن الصحفي فرأى بعض الطلاب انها حمية "بعثي لبعثي" اما جمال فقال ليكن في علم الجميع ان الصحفي فلان صديقي...وهو يضحك لان تلقائيته وبساطته تمنعانه من كبت النكتة حين تراوده متبرجة ومتاوارية.....

قامات كبيرة كانت بين ايدينا...ما كنا نظن اننا سنتحدث عنها في قابل الايام وقد صارت آثارا بعد عين ونقول بعد ذكر كل واحد  منها "رحمه الله" ... أعمانا عنها حجاب المعاصرة كما يقول النقاد اوحجاب القرب كما يقول المتصوفة....ورحم الله صديقي بلي واحله دار المقامة من فضله...في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر...

هناك 4 تعليقات:

  1. الاستاذ المرتضى انت خل ش لردة رترت اي بمعنى اترك شيئا لحديث التقاعد

    ردحذف
  2. الاستاذ التراد نحن في موريتانيا ما زلنا نعرف الحسانية

    ردحذف
  3. الاخ التراد هي ما اتلات ردت رترت هي عادت هربت رترت اي فرار التقاعد

    ردحذف