الثلاثاء، 25 أغسطس 2015


المرتضى / محمد اشفق

احمد زازه ..وبقرة لمرابط.....
                                                                              

هي بقرة قرناء غامض لونها تسوء الناظرين...اشتراها لمرابط لتكو ن ثانية لاخرى بعد كارثة "قرجه" التي قضت على ما انف الجفاف عن ابادته....
لمرابط رجل فخور ذو دعاو متعددة في الكرامات...يدعي العلاقات بالجن يسلطهم على من يشاء ويصرفهم عمن يشاء...ويكلفه الاموات برسائلهم الى ذويهم....اذا سمع مثلا في الاك ان جمل اهل سيدي ذكر في شكار أجرسيارة الى القرية ليسبق صاحب الخبر ويقول ان جدهم الذي مات منذ قرنين كلفه بتوصيل المعلومة الى ابنائه...وهكذا تخافه العامة وتعده "صالحا"...
لكن بقرته جرت له كثيرا من المتاعب ..فاصبحت مصدر التنكيت عليه حتى سئمها و كره ذكرها واحاديث الناس عنها...
هي بقرة ذات شان...."زرزورية" ( قصيرة الاثداء)...يعسر اخراج لبنها علي غير العصبة اولي القوة من المتمرسين من الحلابة...اذا جلس تحتها الماهر أن .. واشتكى وباءت محاولاته الأولى كلها بالفشل لصعوبة مسك الثدي اولا ثم لعسر خروج اللبن الذي يشبه عند خروجه خيوط العنكبوت و اسلاك الريق التي تخرج من اشداق البقرة اثناء عملية الاجترار....تعاقب عليها سبعة رهط مشهود لهم بالمهارة والقوة ...لم يعد اليها حلاب قط كانوا جميعا يستقيلون في الليلة الاولى...وجاء "احمد المعروف باحمد زازه" وهو رجل مشهور في كل ما يتعلق بالبقر من حلاب وتذليل وفطام ...الخ تساعده في ذلك بنية عضلية قوية ومتماسكة....يدعي انه فنان عصره في شؤون البقر ...قال له لمرابط "احيمد " اذا افلحت في مداومة الحلاب سيكون اجرك كثيرا في الدنيا والاخرة...فاجابه والله لو كانت ثورا لحلبته وصاح : زازه...ثم لا تتعب نفسك في شراء حبل " يامرابطي"انا اقيد البقر بذكري واردف : "ينسخ اعبو" وصاح " زازه" وزازه دعوة للمبارزة عادة في بعض الالعاب التي يطبعها العنف غالبا لكن احمد يدعو للمبارزة في شان آخر...
احمد يمتلك حصانة اجتماعية قوية...يتقبل المجتمع كل ما يصدر منه ويحوله الى وسيلة ترفيه...كان شبه الكتاب الوحيد الذي تقرأ منه النساء انصاف الاميات قصص الحب المحلية والمغامرات الجنسية ..كن يستدرجنه وربما دفعن له الهدايا مقابل البوح الذي يخلط فيه كثيرا بين الحقيقة والخيال....وهو يغتنم الفرصة للتفوه بالمسكوت عنه...احب المجالس اليه تلك التي يكون فيها الرجل مع ابيه او صهره  اوالمجموعة المختلطة من الرجال الوقر المهيبين والنساء المتفاوتين في الاعمار ليخرج الريح جهرا ويقول الكلمات المحرجة ويظهر عورته عمدا لانه لا يلبس السروال ابدا .. له منطقة تتوسط ظهره وبطنه ويبقى جنباه ومقاه بارزين..  
كان مستودع اسرار الكثيرين من اترابه الذين اصبحوا شيوخ محاظر او ائمة او موظفين سامين... كانوا يوظفونه في رسائل الغرام والجمع بين العشاق..والآن وقد كبروا وتغيرت حالهم واصبحوا – في زعمهم - بنى اجتماعية فوقية لا يليق بهم ان يسمعوا من تاريخهم ما لا يتناسب مع مكاناتهم....لكن ما ل"احمد" ومايريدون...لقد امتلكوا ثروة العلم والمقامات لكن ثروته اغلى واخطر:  احراجهم باذاعة اسرارهم لابنائهم الذين اصبحوا ايضا رجالا او لزوجاتهم وامام اعينهم ... كان يهدد اقوى الشيوخ واعزهم مكانة ...يباغت محمد المصطفى وهو بين طلبته يشرح لهم بعض نصوص الرسالة....او ابياتا من الفية ابن مالك فيقول : "امسيكينه فا........." ويمد الفاء مدا طويلا يحيل به الشيخ الى فترة الشباب واحدى بطلاتها ويكتفي الشيخ بغمزة من طرف عينه فيها تهديد سلمي ورشوة بهدية سوف تقدم لاحمد كثيرا ما تكون "صاك من سكر التلجي واربع من 8147 او حولي من النيله " ثم يردف الشيخ قائلا "احيمدارباطك" (وهي ألبق وسائل العتاب الديبلوماسي بالحسانية)" اعطو لاحيمد اقامه من اتاي" يعلم احمد انها مقدم الرشوة والبقية في الطريق فيرد احمد" مغنيا:
   حاجلك ملكان     فـــزريبت لغنم
  وبيتي عنيان       يفـريخت لخدم
" زازه..زازه ما هون راجل ماهو آن والل لمبهلل افحل اهل احمد" "ينسخ اعبو"... ويقول "آن عندي ش نبغيه ينشرح لي هذا الكاف :
ثم يتكلم همسا حتى اذا وصل  : عبد اللذين.... جهر بها وعاد الى الكلام سرا......تجاهله الشيخ وتشاغل عنه بامر احد الطلبة بالقراءة وكان الامام محمد يحيى حاضرا...ولما انتهى الدرس وبقي الامام والشيخ قال الامام : سؤال احمد مطروح ..انا فكرت ان هذه المرة الاولى التي ارى فيها اسم الموصول بلا صلة...ضحك الشيخ ونظر عن يمينه وعن شماله ليطمئن انهما وحيدان وقال : صدقت : ف"عبد" مبتدأ والجملة الموصولة البادئة باللذين (عند  المحدثين مضاف اليها ) والخبر هو ما بعدها وليست هناك قطعا صلة للموصول.....

غربت الشمس وعادت قطعان البقر الى المرحان....وجاء احمد وصاح باعلى صوته "زازه" اين "لفريخه" "امسيكينه ما تعرف اني حامد ملان امبول اعل انكيم ونطهر من عكلت انكاب ما احركت" "زازه" فيرد لمرابط قائلا " احيمد ارباطك" ويسكت فالحزم مسالمة احمد حتى لا يقرأ التاريخ...
فاجأ البقرة بضربة قوية من كفه على مبولها قائلا "احذر جمع.. ينسخ اعبو" هذا هو سلامي على النساء ولو كانت امراة لضحكت واستزادت ويضحك بقهقهات عاليات..ساد الصمت وبدا الانين...واشياء اخرى يتعمدها احمد في غير هذا المقام...ثم وقف وصاح هذه ليست بقرة "هذي عره مري زرزوريه" قال لمرابط ما ذا تقول؟ فاجابه انا انتقض وضوئي 11 مرة واستعملت انواع المكابح حتى مكبح الزاخ ولما لم ينفع استعملت المكبح اليدوي لارد جنينا قليل الحياء كاد يولد تحت البقرة ..
وليمحو آثار هزيمته صاح "زازه...زازه البرزه ما اتنكس""..
واقسم انها "راظع" فقال لمرابط ان ولدها لا يذهب الى المراعي حتى يجد فرصة ليرضعها...لكن احد اصدقاء لمرابط جاء واخبره ان البقرة ترضع نفسها وانه شاهد ذلك بعينه...فضحك احمد ملء شدقيه
 وصاح "كافره مجم زازه...البرزه ما اتنكس ..وشرع يغني :"كالك ول اوفى اتخظي فلجيط ..." وقبل ان يكمل يقول لمرابط "اتف اباسك ارباطك"....
عولجت البقرة بتطويق رقبتها حتى لا تتمكن من ثنيها الى ضرعها....
وفي الليلة الموالية جاءت البقرة الاخرى فارغة الضرع كانه كان به ذات مرة لبن...
فعوقب ولدها بالحجز اياما عن المرعى...لكن الحال لم تتغير....وتلقى المرابط ثانية الاثافي حين اخبره بعض المصلين ان "بقرته ترضع بقرته" ...
واصبح حديث القرية كلها مقتصرا على بقرة "لمرابط" فازعجه ذلك كثيرا وازداد ضجره عندما سمع احد العامة يقول ان لمرابط لو كان صالحا "لحجب لبقرته" ...هو اذن راس مال يهدد وسمعة تهوي وجلال يتلاشى...انها مصيبة نزلت توشك ان تقضي على شرعيته....يا ليته ما ادعى رؤية الجن ولا لقاء الاموات كل هذا الآن تعصف به بقرة ملعونة شوهت سمعته وانزلت عليه دهم البلايا....
وفي المساء جاء من اقصى المدينة رجل يسعى وصاح : ايها الناس..الي ..الي !! ايها الناس..!!! لقد ظلمتم عجولكم  ...اطلقوها ترع وتسرح ...ان ما يرضع بقرنا هي بقرة لمرابط...فعليه ان يخلصنا منها وقد سمعت انها بقرة ملعونة....انها الجفاف الجديد حرمت اطفالنا وشيوخنا ومرضانا من اللبن سبع ليال وثمانية ايام....
هذه  ثالثة الاثافي وصاعقة ثمود ...كيف يتخلص من بقرته المشؤومة ...ثم كيف يكف الناس عن الحديث عنها ...الحل هو سكين الجزار...لا بد من عملية انتقام قاسية يرى فيها دماءها انهارا تملا الوادي ...قرر الشيخ محمد سالم ان يشتريها ويبيعها للجزار "حمودي" على ان يراها ليلا حتى يمضي شراءها فذلك هو الشرع...
ذهبا الى جانب المراح وصاح الشيخ محمد سالم : انا لله وانا اليه راجعون هذه يكره لبنها ويحرم لحمها على اقوى الاقوال وتمتم (دابة جامعها آدمي...تقتل ويحرق لحمها..) ...وكان مخبول من اطفال الحي معه ولدا لمرابط يتعاقبون عليها لتجريب قدراتهم الجنسية....فصاح احمد "ذاك هو اصالحالو زازه..زازه ..البرزه ما اتنكس"



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق